رمضان فرصتك الأولى للإقلاع عن التدخين، وذلك ببساطة أن رمضان أعانك على الانتصار في نصف اليوم فاتق الله في النصف الآخر.
كان الناس يترددون في تحريم التدخين نظراً لأن أضراره لم تكن قد ظهرت بعد، ولأجل ذلك فقد سمع أكثر من رأي في موضوع التدخين، واعتبره بعضهم حلالاً ورآه آخرون حراماً، وكان الشيخ قطب الدين الحامدي رحمه الله يقول إن التدخين تجري عليه الأحكام التكليفية الخمسة فيكون حراماً في حق قوم ومكروهاً في حق آخرين ومباحاً لقوم ومستحباً لقوم ويكون فرضاً لمن أدمن عليه فإذا فقده هاج مزاجه!
بالطبع مثل هذه الفتاوى لم يعد لها اليوم من يدافع عنها بعد أن قدم العلم الدليل القاطع على ضرر التدخين وتدميره للحياة والناس والإنسان، ومع أن هذا المقال لا يهدف إلى تقديم دراسة علمية حول أضرار التدخين ولكن يكفي القول إن عدد وفيات التدخين في العالم عام 2000 بلغ خمسة ملايين وفاة منهم 30 ألف في سوريا وقد أنفق المدخنون في سوريا 26 مليار ليرة سورية عام 2009 احترقت بالكامل على مذبح النيكوتين، بالمناسبة أتمنى أن ينص في شهادة الوفاة أنه مات بسبب التدخين، ولا أدري ما هي الحكمة في عدم النص على التدخين سبباً للوفاة في وفيات مؤكدة بسبب التدخين.
المشكلة أننا نواجه عادة تياراً ظاهرياً يؤمن بظاهر النصوص ويرفض البحث في مقاصدها، ويبادرك فوراً بالقول: بأي وجه تحرمون ما لم يحرمه الله؟ مع أنهم يعلمون أن التدخين آفة ابتلي بها الناس بعد عصر النبوة بنحو ألف عام، وعلى هذه الشاكلة أيضاً المخدرات وتزوير العملة وغير ذلك من الجرائم التي لم تكن معروفة من قبل ولم تنص عليها سنة ولا كتاب!
في محاضرة عامة كنت ألقيها في كفرسوسة قبل سنوات سألت الناس في مطلع رمضان سؤالاً محدداً وهو هل تعتبرون الدخان من الطيبات أم من الخبائث؟ كان جواب الحاضرين وهم عدة مئات بأن التدخين من الخبائث باستثناء شخص واحد رفع يده وقال: لا ، إنه من الطيبات!!
قلت لهم الآن صار لدينا نص شرعي في التدخين فمن قال إنه من الخبائث تعين أنه حرام عليه ومن قال إنه من الطيبات لم يتعين أنه حرام عليه، بدليل قول الله تعالى: يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث.
لو سألنا المدخنين سؤالأً محدداً: أتحبه لولدك أو لابنتك؟ لا أظن أن عشرة بالمائة سيقولون إنهم يحبونه لأبنائهم، وسيقول معظم الناس عذابي وبلائي سأجنبه لأبنائي، ولكن هيهات أن يقتنع ولدك منك وأنت تشرع السيجارة في ساعة الصفا والنشوة رمز كبرياء ورجولة.
تعالوا نتفق أن يكون الجيل الآتي بلا تدخين، أعتقد أن رمضان حل لنا نصف المشكلة، والباقي عليك، والسلام عليكم وصيامكم مقبول.
