Uncategorized

اوراد الذاكرين

بسم الله الرحمن الرحيم

بين يديك أخي المؤمن هذه المختارات من عيون الدعاء والمناجاة، تخيرتها للضراعة والنجوى من عيون الدعاء، ونفائس المناجاة، مما أثر عن السلف الصالح ومما جادت به ساعات الوصال في نفحات الأنس والقرب مع الله.

وقد كان النبي  يتخير من الدعاء أعجبه ويقول: (( الدعاء مخ العبادة )).

وهذه الأوراد والأذكار هي جزء مما أكرمنا الله به في جامع الزهراء حيث نلتقي منذ خمسة وعشرين عاماً أو يزيد كل يوم سبت بالذكر والضراعة والمناجاة، ونجتهد أن نقف على أعذب كلام العارفين وأشده إشراقاً ونوراً، لنبعث في القلوب نفحات الإشراق ولطائف الأذواق، تتحرك بها القلوب وتوجل منها الأفئدة وتسيل بها المدامع، ويتأكد ارتباط العبد بالرب في عالم النور الذي يشرق الله به على عباده المؤمنين.

تهدف مجالس الذكر أساساً لتخليص الإنسان من حمأة الصخب المادي الذي أوشك أن يفسد علاقة الإنسان بالحياة، ويحول الإنسان إلى كائن من مادة لا روح فيه، إنه تذكير للإنسان بأنه جاء من فوق وأن عليه أن يبقى ناظراً إلى الأعلى حيث تشرق أنوار الله في قلبه وفؤاده.

إنني أعتقد أن الدعاء هو أرقى صور العلاقة بين العبد والرب، وهو ما يجعل العبودية في المنطق الإسلامي عبادة سامية عالية مشرقة، تنتقل بالمؤمن من دائرة العبودية بالقهر والجبر، إلى دائرة العبادة بالحب والشوق، وهي الإشراق العملي لمعنى قوله r: (( الدين النصيحة )) قلنا: لمن يا رسول الله؟

قال: (( لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))، وهكذا يقع الدعاء في جوهر العلاقة بين العبد والرب، وجوهر النصيحة لله سبحانه.

جاء الإنسان إلى هذا العالم ليستقر في الأرض بين الكائنات الأخرى من الحيوان والنبات والجماد وآخرين لا تعلمونهم الله يعلمهم كلهم لله عبيد، يشتركون في مقام العبودية لله سبحانه، وهو مقام يستوي فيه كل مخلوق في الخضوع لحكم الله وأمره وهو المعنى الذي عبر عنه فيلسوف الإسلام أبو العلاء المعري بقوله:

أجبر ذا المسير أو اضطرار   بربك أيها الفلك المدار       

ولكن الإنسان له شغل آخر فقد حباه الله سبحانه العقل وبوأه منزلة التشريف بالتكليف وهو مقام أخبر الله سبحانه أنه عرضه على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.

وهكذا كان مشواره مع رسالة المعرفة مشواراً طويلاً، أيده الله سبحانه فيه حين بوأه منزلة سيد الوجود وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها، وقال للملائكة: } فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ # فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ # إلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ { [ص: 72 -74].

وحين أقامه الله في مقام رسالته كان عليه أن يرحل بهذا الجسد الذي قمصه الله إياه من عالم الفناء والوهم إلى عالم البقاء والحق، ومن عالم المادة إلى عالم الروح، ومن مقام العبودية إلى مقام العبادة.

الخلق كلهم لله عبيد، وكلهم آتيه يوم القيامة عبداً، وهي حقيقة يشترك بها الإنس والجن والملائكة والطير والوحش والجبال والشجر والدواب، لا محيد لموجود عن عبوديته ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً، ولكن ليس كل الخلق يستحقون الوصف بأنهم عباد، والإنسان وحده الذي يمكنه أن يرقى إلى مقام العبادة فوق العبودية فهو وحده صاحب الإرادة والتكليف، } أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ { [الحج: 18].

العبيد جمع عبد، والعباد جمع عابد، والعبد من خضع جبراً واضطراراً، والعابد من خضع حباً واختياراً، ألا ترى أن الله سبحانه إذا أراد الثناء عليهم وصفهم بالعباد وإن أراد ذمهم وصفهم بالعبيد:

} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِّلْعَبِيدِ { [الحج: 10].

ولكنه حين يثني عليهم يقول:

} وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً { [الفرقان: 63].

} فَبَشِّرْ عِبَادِ # الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ { [الزمر: 17 – 18].

} يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ { [الزخرف: 68].

العبودية مقام فرضه الله على العباد، يشترك فيه المؤمن والكافر والإنس والجن، وهو دأبك يا ابن آدم مذ كنت نطفة في الأرحام إلى أن قمت بشراً سوياً إلى أن تصبح رميماً وتراباً.

ولكن العبادة مقام ذوق وشوق وحب وصفاء، وسعي واختيار، العبيد مسوقون للعبودية بذل الخضوع، والعباد سالكون إلى الله بعز الخشوع، العبيد أهل جبر واضطرار، والعباد أهل شوق واختيار، العبيد يخضعون بالقهر والعباد يسلكون بالحب، لا يمكن أن تنال شرف العبادة إلا إذا عبرت عبر مراتب الحب والشوق، وهي مقامات شرحها أهل البقاء في الله والفناء فيه عبر اثنتي عشرة منزلة تبدأ من مقام المعرفة ثم تصبح المعرفة رغبة ثم يكون الميل ثم الهوى ثم الحب ثم العشق ثم الغرام ثم الهيام ثم الكلف ثم الوجد ثم الوله ثم العبادة، وهي أعلى المراتب وهي الغاية العظمى من رسالة الوجود وهو ما أخبر عنه الكتاب العزيز بقوله تعالى: } وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ { [الذاريات: 56].

وتاريخ التصوف كله هو تاريخ السلوك إلى الله وعجائب أحوال السالكين وهي مسائل لا يحيط بها القلم ولا يحصيها اللسان وإنما تدركها الأذواق بالسلوك والأشواق بالإشراق، والسمع بالخشوع، والقلب بالذكر والعين بالدمع واللسان بالمناجاة.

إنها إذن حكاية السائرين إلى الله والسالكين إلى مجده ونوره، وهي معارف ذوق وتوق، يفصح فيها الحال ويعثر عنها المقال.

إذا لم تذق معنا شراب الهوى دعنا   وقل للذي ينهى عن الوجد أهله  

ولا يزال السالكون إلى الله تشفق قلوبهم من إعراض الخلق عن الحق، ويرجون الله أن يشرق في قلوبهم حتى يذوقوا حلاوة مناجاته فيقوموا بين يديه متذللين:

كالذي سير به حتى وصل   ليس من لوح بالوصل له  
طرق الباب حناناً ودخل   لا ولا الواصل عندي كالذي  
سارروه وهو للسر محل   لا ولا الداخل عندي كالذي  
صار إياهم فدع عنك العلل   لا ولا من سارروه كالذي  

وبالجملة فليس من غرض هذه المذكرة أن تغنيك عن مجالسة الحق فإنه لا بد للمرء من ثني ركبه في عتمة الليل، وصف قدميه في محراب الشوق حتى تتفجر ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.

إنها محض تذكرة أقدمها لإخواني في مجلس الذكر في جامع الزهراء رجاء أن نستعين بالمولى سبحانه أن يشرق بنوره في قلوبنا وهي ليست بديلاً عن علم الظاهر الذي ينظم شأن الحياة ولكنها سراج علم الحقيقة الذي يشرق الله به في قلوب العباد:

تنالهُ مـن بابِ حبِّ الله والعلمُ في الإسلامِ نورُ اللهِ
من بابِ حبِّ الله قَدْ تكَمَّلوُا فالأنبياءُ المخلصِوُن الُكمَّلُ
والغارُ والمزمورُ والهضَابُ فالطورُ والخليلُ والحجابُ
فاختصَّهم ربُّ الوَرى آحاداً بهـا قَضَـوا أيّامَهُمْ فُرادى
فأصبحوا أربابَ كُلِّ فَنِّ علَّمَهم منْ علْمِهِ اللَّـدُنِّي
وكم خلوتَ بالخليلِ صَابراً فكم عكفتَ في حراءٍ ذاكراً
وكم على الهضابِ سرتَ باكياً وكم عنِ الخلقِ احتجبتَ خالياً
وكلُّ عيسى في الحجابِ قائِمُ لكـلِّ مُوسَى طورُ حبٍّ دائمُ
يواصِلُ النهارَ باللَّيالي وذاكَ شأنُ طالبِ المعالي
وغيرُها القشورُ و القُيودُ فهذِهِ الأصولُ والوقودُ
والقشرُ دونَ اللُّبِّ بيتٌ أَجْوَفُ فثمرٌ من غير قشرٍ يُتْلَفُ
وكلُّ مَنْ بالشَّرعِ قَدْ تعمَّقَا وقيلَ إنَّ كلَّ مَنْ تَحققا
بلا تحققٍ فذا تَفَسَّقا مِنْ غيرِ شَرْعٍ إنَّما تَزَنْدَقا
وبعدَهُ علمُ اللِّسانِ فاعلمِ والعلم علمانِ.. فعلمُ القلبِ
وذاكَ حجةٌ على ابنِ آدمِ حجتُنا يومَ لقاءِ الرَّبِّ
وذا كمالُ الطَّالبِ الغَيُورِ فحصِّنِ اللبابَ بالقُشُورِ

إنها إذن محض أشواق نطق بها العاشقون في وادي الهوى فأشرق بها الله في قلوبهم وها نحن ندعوك اليوم أيها المسلم إلى مشاركتنا في رحلة الحب والوصال إلى الله سبحانه لعل الله يشرق بنوره في قلبك، وما رجع من رجع إلا من الطريق وما رجع من وصل، وبالله التوفيق.


أوراد الذاكرين

 

 

اعلم أن لله سبحانه طرائق بعدد أنفاس الخلائق، وأن كل درب سلكه العابدون فهو باب وصال ووجه اتصال، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم.

ومن أدب الذاكرين أن لا ينكر أحد على أحد، وإنما مجالس الذكر رياض الجنة فتخيروا من أطايبها وتفيؤوا ظلالها، واسألوا الله الإشراق والنور.

وهو مقام لخصه العارف الحكيم حين سئل: ما مراد الله من خلقه؟ فنظر في أفق بعيد وتأمل وقال: ما هم عليه!!.

وهذه بعض أوراد نقرؤها كل يوم سبت وقد أخذنا طرفاً منها عن أشياخنا، ومن الله علينا ببعض منها، وإن الفضل من الله يؤتيه من يشاء.

 


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اللهم يا مفتح الأبواب، ويا مسبب الأسباب ويا دليل الحائرين ويا غياث المستغيثين أغثنا توكلنا عليك يا رب العالمين

ونفوض أمورنا إلى الله إن الله بصير بالعباد بألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

أستغفر الله                                     25 مرة

سيد الاستغفار                                  3  مرات

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

 

فاتحة شريفة

إخلاص شريف   3  مرات

الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله                25 مرة

حسبنا الله ونعم الوكيل                                      100 مرة

لا إله إلا الله الملك الحق المبين                                100 مرة

لا حول ولا قوة إلا بالله                                     100  مرة

سبحان والله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر            100 مرة

 

يا قاضي الحاجات
يا مجيب الدعوات
يا دافع البليات
يا كاشف المهمات
يا شافي الأمراض
يا مكيد الأعداء

 

اللهم إنا نتوجه إليك ونؤمن بك ونتوجه إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك

اللهم نور قلوبنا بنور ذكرك، وآنس أرواحنا بأنس محبتك، وارزقنا لذة مناجاتك، ولا تحرمنا من النظر إلى وجهك الكريم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

يا غافر الذنوب
يا ساتر العيوب
يا كاشف الكروب
يا ساتر العيوب
يا مقلب القلوب
يا عالم الغيوب

أمسينا وأمسى الخلق لله، والخلق لله والأمر لله، والرازق الله، والراحم الله، والأول الله، والآخر الله، والظاهر الله والباطن الله، والخافض الله، والرافع الله، والكل لله والكل بالله ولا إله إلا الله

اللهم إنك تراني وتعلم مكاني وتسمع بياني وتعرف جناني وتذكرني ولا تنساني

اللهم يا من نرى في كل أفق تجلي جلالك ونرى في كل روض تجلي جمالك ونرى في كل غيث تجلي نوالك ونرى في ليل تجلي وصالك

 

الله الله الله الله     1000 مرة

اللهم يا من بابه مفتوح للسائلين، وعطاؤه مبذول للسالكين، يا من لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا تلتبس عليه الألسنة

يا من لا يتبرم بإلحاح الملحين، ولا تسوؤه ضراعة الضارعين، ولا فقر المتوسلين

أشهد أنك أنت الله    20 مرة

 

اللهم ارحمنا إذا وهن العظم منا واشتعل الرأس شيباً

اللهم ارحمنا إذا عرق منا الجبين وكثر منا الأنين

اللهم ارحمنا إذا يئس منا الطبيب ومل منا القريب وجفانا الحبيب

اللهم ارحمنا إذا بلغت الروح الحلقوم وأعجزنا أن نقوم

اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض

اللهم اجعل خير عمرنا آخره وخير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقاك واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله

لا إله إلا الله           10 مرات

لا إله إلا الله والله أكبر        10 مرات

 

} إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً { [الأحزاب: 56].

صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه، على محمد وعلى آل محمد، عليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته

خير الفريقين من عرب ومن عجم   محمد سيد الكونين والثقلين  
على حبيبك خير الخلق كلهم   مولاي صل وسلم دائماً أبداً  

 


(1)

 

مناجاة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه

 

إلـهي أنا الفقيرُ في غنايَ، فكيف لا أكونُ فقيراً في فقري؟

إلـهي أنا الجاهلُ في علمي، فكيف لا أكونُ جاهلاً جهولاً في جهلي؟

إلـهي إنَّ اختلافَ تَدْبِيركَ، وسرعةَ حلولِ مقاديركَ ، مَنَعَا عبادَكَ العارفينَ بِكَ مِنَ السُّكونِ إلى عطاءٍ واليأسِ منك في بلاءٍ.

إلـهي مني ما يليقُ بِلُؤْمي، ومنك ما يليقُ بكرمِكَ.

إلـهي وَصَفْتَ نفسَكَ باللُّطفِ والرَّأفةِ بي قبل وجودِ ضَعْفِي، أَفَتَمْنَعُنِي منهما بعدَ وجودِ ضَعْفِي؟

إلـهي إنْ أظهرتَ المحاسنَ مني فَبِفَضْلِكَ ولك المِنَّةُ عليَّ، وإنْ ظَهَرَتْ المَساوِىءُ مني فَبِعَدْلِكَ ولكَ الحجةُ عليَّ.

إلـهي كيف تَكِلُني إلى غيرك وقد تَكَفَّلْتَ لي؟ وكيف أُضامُ وأنت الناصرً لي؟ أم كيف أَخِيْبُ وأنت الحَفِيُّ بي؟ ها أنا أَتَوَسَّلُ بِفَقْرِي إليك وكيف أَتَوَسَّلُ إليك بما هو مُحَالٌ أنْ يَصِلَ إليك؟ أمْ كيف أَشْكُو إليك حالي وهو لا يَخْفَى عليك؟ أم كيف أُتَرْجِمُ إليك بمقالي وهو منك بَرَزَ؟ أم كيف تَخِيْبُ آمالي وهي وَفَدَتْ عليك؟ أم كيف لا تَحْسُنُ أحوالي وبك قامتْ وإليك؟

إلـهي ما أَلطَفَكَ بي مع عظيمِ جهلي وما أَرْحَمَكَ بي مع قبيحِ فعلي.

(2)

 

إلـهي ما أَقْرَبَكَ مني وما أَبْعَدَني عنك وما أَرْأَفَكَ بي، فما الذي يَحْجُبُنِي عنك.

إلـهي قد علمتُ باختلافِ الآثار وتَنَقُّلاتِ الأطوارِ أنَّ مُرادَكَ مني أنْ تَتَعَرَّفَ إليَّ في كلِّ شيءٍ حتى لا أَجْهَلَكَ في شيء.

إلـهي كُلَّما أَخْرَسَني لُؤْمي أَنْطَقَنِي كرمُكَ، وكلما أَيْأَسَتْنِي أَوصافي أَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ.

إلـهي من كانت محاسِنُهُ مساويء فكيف لا تكون مساويه مساويء؟ ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي.

إلـهي حُكْمُكَ النافذُ ومشيئتُكَ القاهرةُ لم يترُكَا لذي حالٍ حالاً ولا لذي مقالٍ مقالاً.

إلـهي كم من طاعةٍ بَنَيْتُها وحالةٍ شيَّدْتُها هَدَمَ اعتمادي عليها عدلُك، بل أقالني منها فضلُك.

إلـهي إنَّكَ تعلم وإنْ لم تَدُم الطاعةُ مني فعلاً جازماً، فقد دامت محبةً وعزماً.

إلـهي كيف أعزِمُ وأنت القاهر؟ أم كيف لا أعزِمُ وأنت الآمر؟
إلـهي ترددي في الآثار يوجبُ بُعْدَ المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك.

 


(3)

 

إلـهي كيف يُسْتَدَلُّ عليك بما هو في وجوده مُفْتَقِرٌ إليك؟ أيكونُ لغيركَ من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو الْمُظْهِرَ لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟

إلـهي عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقةُ عبدٍ لم تجعلْ من حُبِكَ نصيباً.

إلـهي أمرتَ بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليها بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار، حتى أرجع إليك منها، كما دخلت عليك منها مصون السِّر عن النظر إليها، مرفوع الهمَّة عن الاعتماد عليها، إنَّك على كل شيء قدير.

إلـهي هذا ذلي ظاهرٌ بين يديك ، وهذا حالي لا يخفى عليك ، منك أطلب الوصول إليك، وبك أستدلُ عليك، لا بغيرك، فاهدني بنورك إليك، وأقمني بصدق العبودية بين يديك.

إلـهي علمني من علمك المخزون، وصِنّني بسر اسمك المصون.

إلـهي حققني بحقائق أهل القُرب، واسلك بي مسَالِكَ أهل الجذب.

 

 


(4)

 


إلـهي أغنني بتدبيركَ عن تدبيري، وباختياركَ عن اختياري، وأوقفني على مراكز اضطراري.

إلـهي أخرجني من ذُّلِ نفسي، وطهرني من شَكِي وشِرْكِي، قبلَ حلول رمسي.

إلـهي تقدَّسَ رضاكَ أن تكونَ لهُ عِلَّةٌ منك، فكيف تكون له علة مني.

إلـهي إنَّ القضاءَ والقدرَ قدْ غلبني، وإنَّ الهوى بِوَثائِقِ الشَّهوةِ أَسَرَني، فَكُنْ أنت الناصر لي، حتى تنصُرَني، وتنصُرَ بي، وأغنني بفضلكَ حتى أَسْتَغني بِكَ عن طَلَبي.

أنت الذي أَشْرَقْتَ الأنوارَ في قلوبِ أوليائِكَ، وأنت الذي أَزَلْتَ الأغيارَ من قلوبِ أحبائك، وأنت المؤنس لهم حيث أوْحَشَتْهُمُ العوالِم، أنت الذي هَدَيْتَهُم حتى اسْتَبَانَتْ لهم المعالم، ماذا وَجَد من فَقَدَكَ؟ وما الذي فَقَدَ من وَجَدَكَ؟ لقد خابَ من رضِيَّ دونَكَ بدلاً، ولقد خَسِرَ من بَغَى عنكَ مُتَحَوَّلاً، كيف يُرجَى سِواكَ وأنت ما قطعتَ الإحسان؟ أم كيف يُطْلَبُ من غَيرِكَ وأنت ما بَدَّلْتَ عادةَ الامتنان؟ يا من أذاق أحبابَهُ حلاوةَ مُؤانَسَتِهِ فقاموا بين يديه مُتَمَلِّقِينَ، يا من أَلْبَسَ أَولياءَهُ ملابِسَ هيبتِهِ فقاموا بعزَّتهِ مستَعِزِّين، أنت الذاكرُ من قبلِ الذاكرين، وأنت البادىءُ بالإحسانِ من قبلِ تَوَجُهِ العابدين، وأنت الجَوادُ بالعطاءِ من قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب، ثم أنت لَمَّا وَهَبْتَنَا مِنَ المسْتَقْرِضين.


(5)


إلـهي اطلُبْنِي برحمتكَ حتى أَصِلَ إليك واجذِبني بمنتِكَ حتى أُقبِلَ عليك.

إلـهي إنَّ رجائي لا ينقطعُ عنكَ وإنْ عَصيتُك، وإنَّ خوفي لا يُزَايلُني وإنْ أطعتُك، قد دفَعَتْني العوالم إليك، وقد أوقفني علمي بكرمكَ عليك.

إلـهي كيف أَخيبُ وأنت أملي؟ أم كيف أُهانُ وعليكَ مُتَّكَلي؟

إلـهي كيف أَستعِزُّ وفي الذِّلةِ أركزتني؟ أم كيف لا أستَعِزُّ وإليكَ نَسَبْتَني؟

إلـهي كيف لا أفتقرُ إليكَ وأنت الذي في الفقر أَقمتني؟ أم كيف أَفتقرُ إلى غيرِكَ وأنت الذي بجودِكَ أَغنيتني؟ أنت الذي لا إله غيرُكَ، تَعَرَّفتَ لكل شيء، فما جَهِلَكَ شيء، وأنت الذي تعرَّفتَ إليَّ في كل شيء، فرأيتُكَ ظاهِراً في كل شيء، فأنت الظاهرُ لكل شيء، يا من استوى برحمانيتِهِ على عرشه، فصارَ العرشُ غيباً في رحمانيتهِ، كما صارت العوالم غيباً في عرشهِ، مَحَقْتَ الآثارَ بالآثارِ، ومَحوتَ الأغيارَ بمُحيْطاتِ أفلاكِ الأنوار، يا من احتجبَ في سُرَادِقاتِ عِزِّهِ عن أن تُدْرِكُهُ الأبصار، يا من تجلَّى بكمالِ بَهائِهِ فتحققَتْ عظمَتَهُ الأسرارُ، كيف تَخْفَى وأنت الظاهِرُ؟ أم كيف تَغيبُ وأنت الرقيبُ الحاضِرُ.

 

(6)

ومن دعاء العارفين

 

اللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك، مقراً بأنك ربي وأن إليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئاً مذكوراً وخلقتني من التراب ثم اسكنتني الأصلاب آمناً لريب المنون واختلاف الدهور والسنين فلم أزل ظاعناً من صلب إلى رحم، ثم أخرجتني إلى الدنيا تاماً سوياً، وحفظتني في المهد صبياً، ورزقتني من الغذاء لبناً مرياً، وعطفت علي قلوب الحواضن وكفلتني الأمهات الرواحم، وكلأتني من طوارق الجان وسلمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمان حتى إذا استهللت ناطقاً بالكلام أتممت علي سوابغ الإنعام وربيتني زائداً كل عام، حتى إذا اكتملت فطرتي واعتدلت مرتي، أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك وروعتني بعجائب حكمتك وأيقظتني لما ذرأت في سمائك وأرضك من بدائع خلقك ونبهتني لشكرك وذكرك وأوجبت علي طاعتك وعبادتك وفهمتني ما جاءت به رسلك ويسرت لي تقبل مرضاتك ومننت علي في جميع ذلك بعونك ولطفك.

فسبحانك سبحانك من مبدئٍ معيد، حميد مجيد وتقدست أسماؤك وعظمت آلآؤك فأي نعمك يا إلهي أحصي عدداً وذكراً، أم أي عطاياك أقوم بها شكراً وهي يا رب أكثر من أن يحصيها العادون أو يبلغ علماً بها الحافظون ثم ما درأت عني اللهم من الضر والضراء أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء.

 


(7)

دعاء الإمام السجّاد عليه السلام في ذكر التوبة وطلبها

اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين ويا من لا يجاوزه رجاء الراجين ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين ويا من هو منتهى خوف العابدين ويا من هو غاية خشية المتقين، هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب وقادته أزمة الخطايا واستحوذ عليه الشيطان فقصر عما أمرت به تفريطاً وتعاطى ما نهيت عنه تعزيزاً كالجاهل بقدرتك عليه أو كالمنكر فضل إحسانك إليه حتى إذا انفتح له بصر الهدى وتقشعت عنه سحائب العمى أحصى ما ظلم به نفسه وفكر فيما خالف ربه فرأى كثير عصيانه كثيراً وجليل مخالفته جليلاً فأقبل نحوك مؤملاً لك مستحيياً منك ووجه رغبته إليك ثقةً بك فأمَّك بطمعه يقيناً وقصدك بخوفه إخلاصاً قد خلا طمعه من كل مطموع فيه غيرك، وأفرغ روعه من كل محذور منه سواك فمثل بين يديك متضرعاً وغمض بصره إلى الأرض متخشعاً، وطأطأ رأسه لعزتك متذللاً، وأبثك من سره ما أنت أعلم به منه خضوعاً وعدد من ذنوبه ما أنت أحصى لها خشوعاً، واستغاث بك من عظيم ما وقع به في علمك وقبيح ما فضحه في حكمك من ذنوب أدبرت لذاتها فذهبت وأقامت تبعاتها فلزمت لا ينكر يا إلهي عدلك إن عاقبته ولا يستعظم عفوك إن عفوت عنه ورحمته لأنك الرب الكريم الذي لا يتعاظمه غفران الذنب العظيم، اللهم فها أنا ذا قد جئتك مطيعاً لأمرك فيما أمرت به من الدعاء متنجزاً وعدك فيما وعدت به من الإجابة إذ تقول ادعوني أستجب لكم، اللهم فصلِّ على محمد وآله والقني بمغفرتك كما لقيتك بإقراري وارفعني عن مصارع الذنوب كما وضعت لك نفسي واسترني بسترك كما تأنيتني عن الانتقام مني، اللهم وثبت في طاعتك نيتي وأحكم في عبادتك بصيرتي، ووفقني من الأعمال لما تغسل به دنس الخطايا عني وتوفني على ملتك وملة نبيك محمد عليه السلام إذا توفيتني، اللهم إني أتوب إليك في مقامي هذا من كبائر ذنوبي وصغائرها وبواطن سيئاتي وظواهرها وسوالف زلاتي وحوادثها توبة من لا يحدث نفسه بمعصية، ولا يضمر أن يعود في خطيئة وقد قلت يا إلهي في محكم كتابك إنك تقبل التوبة عن عبادك وتعفو عن السيئات وتحب التوابين، فاقبل توبتي كما وعدت، واعف عن سيئاتي كما ضمنت وأوجب لي محبتك كما شرطت ولك يا رب شرطي ألا أعود في مكروهك وضماني ألا أرجع في مذمومك وعهدي أن أهجر جميع معاصيك اللهم إنك أعلم بما عملت فاغفر لي ما علمت واصرفني بقدرتك إلى ما أحببت، اللهم وعلي تبعات قد حفظتهن وتبعاتٌ قد نسيتهن وكلهن بعينك التي لا تنام وعلمك الذي لا ينسى فعوض منها أهلها واحطط عني وزرها وخفف عني ثقلها واعصمني من أن أقارف مثلها، اللهم وإنه لا وفاء لي بالتوبة إلا بعصمتك ولا استمساك بي عن الخطايا إلا عن قوتك فقوني بقوةٍ كافية وتولني بعصمة مانعة اللهم أيما عبدٍ تاب إليك وهو في علم الغيب عندك فاسخٌ لتوبته وعائدٌ في ذنبه وخطيئته فإني أعوذ بك أن أكون كذلك فاجعل توبتي هذه توبةً لا أحتاج بعدها إلى توبة توبةً موجبةً لمحو ما سلف والسلامة فيما بقي، اللهم إني أعتذر إليك من جهلي وأستوهبك سوء فعلي فاضممني إلى كنف رحمتك تطولاً، واسترني بستر عافيتك تفضلاً.

(8)

 

اللهم وإني أتوب إليك من كل ما خالف إرادتك أو زال عن محبتك من خطرات قلبي ولحظات عيني وحكايات لساني توبةً تسلم بها كل جارحةٍ على حيالها من تبعاتك وتأمن مما يخاف المعتدون من أليم سطواتك، اللهم فارحم وحدتي بين يديك ووجيب قلبي من خشيتك واضطراب أركاني من هيبتك فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك فإن سكت لم ينطق عني أحد وإن شفعت فأنت أهل الشفاعة، اللهم صل على محمد وآله وشفع في خطاياي كرمك وعد على سيئاتي بعفوك ولا تجزني جزائي من عقوبتك وابسط علي طولك وجللني بسترك وافعل بي فعل عزيزٍ تضرع إليه عبدٌ ذليلٌ فرحمه أو غني تعرض له عبدٌ فقير فنعشه.

اللهم إن يكن الندم توبةً إليك فأنا أندم النادمين وإن يكن الترك لمعصيتك إنابةً فأنا أول المنيبين وإن يكن الاستغفار حطةً للذنوب فإني لك من المستغفرين، اللهم فكما أمرت بالتوبة وضمنت بالقبول وحثثت على الدعاء ووعدت الإجابة فصل على محمد وآله واقبل توبتي ولا ترجعني مرجع الخيبة من رحمتك إنك أنت التواب على المذنبين والرحيم للخاطئين المنيبين، اللهم صل على محمد وآله كما هديتنا به وصل على محمد وآله كما استنقذتنا به وصل على محمد وآله صلاةً تشفع لنا يوم القيامة ويوم الفاقة إليك إنك على كل شيءٍ قدير وهو عليك يسير.


(9)

ومن دعاء علي بن الحسين عليه السلام

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، رب الأرباب، وخالق كل مخلوقٍ، ووارث كل شي‏ءٍ، ليس كمثله شي‏ءٌ، ولا يعزب عنه علم شي‏ءٍ، وهو بكل شي‏ءٍ محيطٌ، وهو على‏ كل شي‏ءٍ رقيبٌ، أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد المتوحد، الفرد المتفرد، وأنت الله لا إله إلا أنت، الكريم المتكرم، العظيم المتعظم، الكبير المتكبر، وأنت الله لا إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المحال وأنت الله لا اله الا أنت، الرحمن الرحيم، العليم الحكيم، وأنت الله لا إله إلا أنت، السميع البصير، القديم الخبير، وأنت الله لا إله إلا أنت، الكريم الأكرم، الدائم الأدوم، وأنت الله لا إله إلا أنت، الأول قبل كل أحدٍ، والآخر بعد كل عددٍ، وأنت الله لا إله إلا أنت، الداني في علوه، والعالي في دنوه، وأنت الله لا إله إلا أنت، ذو البهاء والمجد، والكبرياء والحمد، وأنت الله لا إله إلا أنت، الذي أنشأت الأشياء من غير سنخٍ، وصورت ما صورت من غير مثالٍ، وابتدعت المبتدعات بلا احتذاءٍ، أنت الذي قدرت كل شي‏ءٍ تقديرا، ويسرت كل شي‏ءٍ تيسيرا، ودبرت ما دونك تدبيراً، أنت الذي لم يعنك على‏ خلقك شريكٌ، ولم يؤازرك في أمرك وزيرٌ، ولم يكن لك مشاهدٌ ولا نظيرٌ، أنت الذي أردت فكان حتماً ما أردت، وقضيت فكان عدلاً ما قضيت، وحكمت فكان نصفاً ما حكمت، أنت الذي لا يحويك مكانٌ، ولم يقم لسلطانك سلطانٌ، ولم يعيك برهانٌ ولا بيانٌ.

(10)

اللهم أنت الذي أحصيت كل شي‏ءٍ عددا، وجعلت لكل شي‏ءٍ أمدا، وقدرت كل شي‏ءٍ تقديرا، أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك، وعجزت الأفهام عن كيفيتك، ولم تدرك الأبصار موضع أينيتك، أنت الذي لا تحد فتكون محدودا، ولم تمثل فتكون موجودا، ولم تلد فتكون مولودا، أنت الذي لا ضد معك فيعاندك، ولا عدل لك فيكاثرك، ولا ند لك فيعارضك، أنت الذي ابتدأ واخترع، واستحدث وابتدع، وأحسن صنع ما صنع، سبحانك ما أجل شأنك، وأسنى‏ في الأماكن مكانك، وأصدع بالحق فرقانك، سبحانك من لطيفٍ ما ألطفك، ورؤوف ما أرأفك، وحكيمٍ ما أعرفك، سبحانك من مليكٍ ما أمنعك، وجوادٍ ما أوسعك، ورفيعٍ ما أرفعك، ذو البهاء والمجد، والكبرياء والحمد، سبحانك بسطت بالخيرات يدك، وعرفت الهداية من عندك، فمن التمسك لدينٍ أو دنيا وجدك، سبحانك خضع لك من جرى‏ في علمك، وخشع لعظمتك ما دون عرشك، وانقاد للتسليم لك كل خلقك، سبحانك لا تحس ولا تجس ولا تمس، ولا تكاد ولا تماط ولا تنازع، ولا تجارى‏ ولا تمارى‏ ولا تخادع ولا تماكر، سبحانك سبيلك جددٌ، وأمرك رشدٌ، وأنت حي صمدٌ، سبحانك قولك حكمٌ، وقضاؤك حتمٌ، وإرادتك عزمٌ، سبحانك لا راد لمشيتك، ولا مبدل لكلماتك، سبحانك قاهر الأرباب، باهر الآيات، فاطر السماوات، بارئ النسمات، لك الحمد حمداً يدوم بدوامك ولك الحمد حمداً خالداً بنعمتك، ولك الحمد حمداً يوازي صنعك، ولك الحمد حمداً يزيد على‏ رضاك، ولك الحمد حمداً مع حمد كل حامدٍ، وشكراً يقصر عنه شكر كل شاكرٍ، حمداً لا ينبغي إلا لك، ولا يتقرب به إلا إليك.

(11)

اللهم وأنا عبدك الذي أنعمت عليه قبل خلقك له، وبعد خلقك إياه، فجعلته ممن هديته لدينك، ووفقته لحقك، وعصمته بحبلك، وأدخلته في حزبك، وأرشدته لموالاة أوليائك ومعاداة أعدائك، ثم أمرته فلم يأتمر، وزجرته فلم ينزجر، ونهيته عن معصيتك فخالف أمرك إلى‏ نهيك، لا معاندةً لك ولا استكبارا عليك، بل دعاه هواه إلى‏ ما زيلته وإلى‏ ما حذرته، وأعانه على‏ ذلك عدوك وعدوه، فأقدم عليه عارفاً بوعيدك، راجياً لعفوك، واثقاً بتجاوزك، وكان أحق عبادك مع ما مننت عليه ألا يفعل، وها آنذا بين يديك صاغراً ذليلاً، خاضعاً خاشعاً، خائفاً معترفاً بعظيمٍ من الذنوب تحملته، وجليلٍ من الخطايا اجترمته، مستجيراً بصفحك، لائذاً برحمتك، موقناً أنه لا يجيرني منك مجيرٌ، ولا يمنعني منك مانعٌ، فعد علي بما تعود به على من اقترف من تغمدك، وجد علي بما تجود به على‏ من ألقى‏ بيده إليك من عفوك، وامنن علي بما يتعاظمك لا أن تمن به على ما أملك من غفرانك، واجعل لي في هذا اليوم نصيباً أنال به حظاً من رضوانك، ولا تردني صفراً مما ينقلب به المتعبدون لك من عبادك، وإني وإن لم أقدم ما قدموه من الصالحات فقد قدمت توحيدك، وأتيتك من الأبواب التي أمرت أن تؤتى‏ منها، وتقربت إليك بما لا يقرب به أحدٌ منك إلا بالتقرب به، ثم اتبعت ذلك بالإنابة إليك، والتذلل والاستكانة لك، وحسن الظن بك، والثقة بما عندك، وشفعته برجائك الذي قلما يخيب عليه راجيك، وسألتك مسألة الحقير الذليل، البائس الفقير، الخائف المستجير، لا مستطيلاً بتكبر المتكبرين، ولا متعالياً بدالة المطيعين، ولا مستطيلاً بشفاعة الشافعين.

(12)

 

ويا من يمن بإقالة العاثرين، ويتفضل بإنظار الخاطئين، أنا المسي‏ء المعترف الخاطئ العاثر، أنا الذي أقدم عليك مجترئاً، أنا الذي عصاك متعمداً، أنا الذي استخفى‏ من عبادك وبارزك، أنا الذي هاب عبادك وأمنك، أنا الذي لم يرهب سطوتك ولم يخف بأسك، أنا الجاني على‏ نفسه، أنا المرتهن ببليته، أنا القليل الحياء، أنا الطويل العناء، بحق من انتجبت من خلقك، وبمن اصطفيته لنفسك، بحق من اخترت من بريتك، ومن اجتبيت لشأنك، بحق من وصلت طاعته بطاعتك، ومن جعلت معصيته كمعصيتك، بحق من قرنت موالاته بموالاتك، ومن نطت معاداته بمعاداتك، تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جأر إليك متنصلاً، وعاذ باستغفارك تائباً، وتولني بما تتولى‏ به أهل طاعتك، والزلفى‏ لديك، والمكانة منك، وتوحدني بما تتوحد به من وفى‏ بعهدك، وأتعب نفسه في ذاتك، وأجهدها في مرضاتك، ولا تؤاخذني بتفريطي في جنبك، وتعدي طوري في حدودك، ومجاوزة أحكامك، ولا تستدرجني بإملائك لي استدراج من منعني خير ما عنده، ولم يشركك في حلول نعمته، ونبهني من رقدة الغافلين، وسنة المسرفين، ونعسة المخذولين، وخذ بقلبي إلى‏ ما استعملت به القانتين، واستعبدت به المتعبدين، واستنقذت به المتهاونين، وأعذني مما يباعدني عنك، ويحول بيني وبين حظي منك، ويصدني عما أحاول لديك.

 

(13)

 

وسهل لي مسلك الخيرات إليك، والمسابقة إليها من حيث أمرت، والمشاحة فيها على‏ ما أردت، ولا تمحقني فيمن تمحق من المستخفين بما أوعدت، ولا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين لمقتك، ولا تتبرني فيمن تتبر من المنحرفين عن سبلك، ونجني من غمرات الفتنة، وخلصني من لهوات البلوى‏، وأجرني من أخذ الإملاء، وحل بيني وبين عدو يضلني، وهوىً يوبقني، وممقصةٍ ترهقني، ولا تعرض عني إعراض من لا ترضى‏ عنه بعد غضبك، ولا تؤيسني من الأمل فيك فيغلب علي القنوط من رحمتك، ولا تمتحني بما لا طاقة لي به فتبهظني مما تحملنيه من فضل محبتك، ولا ترسلني من يدك إرسال من لا خير فيه، ولا حاجة بك إليه، ولا إنابة له، ولا ترم بي رمي من سقط من عين رعايتك، ومن اشتمل عليه الخزي من عندك، بل خذ بيدي من سقطة المتردين، ووهلة المتعسفين وزلة المغرورين وورطة الهالكين.

 

 

(14)

 

اللهم عافني مما ابتليت به طبقات عبيدك وإمائك، وبلغني مبالغ من عنيت به، وأنعمت عليه ورضيت عنه، فأعشته حميداً، وتوفيته سعيداً، وطوقني طوق الإقلاع عما يحبط الحسنات، ويذهب بالبركات، واشعر قلبي الإزدجار عن قبائح السيئات، وفواضح الحوبات، ولا تشغلني بما لا أدركه إلا بك عما لا يرضيك عني غيره، وانزع من قلبي حب دنيا دنيةٍ تنهى‏ عما عندك، وتصد عن ابتغاء الوسيلة إليك، وتذهل عن التقرب منك، وزين لي التفرد بمناجاتك بالليل والنهار، وهب لي عصمةً تدنيني من خشيتك، وتقطعني عن ركوب محارمك، وتفكني من أسر العظائم، وهب لي التطهير من دنس العصيان، وأذهب عني درن الخطايا، وسربلني بسربال عافيتك، وردني رداء معافاتك، وجللني سوابغ نعمائك، وظاهر لدي فضلك وطولك، وأيدني بتوفيقك وتسديدك، وأعني على‏ صالح النية، ومرضي القول، ومستحسن العمل، ولا تكلني إلى‏ حولي وقوتي دون حولك وقوتك، ولا تخزني يوم تبعثني للقائك ولا تفضحني بين يدي أوليائك، ولا تنسني ذكرك، ولا تذهب عني شكرك، بل الزمنيه في أحوال السهو عند غفلات الجاهلين لآلائك، وأوزعني أن أثني بما أوليتنيه، وأعترف بما أسديته إلي، واجعل رغبتي إليك فوق رغبة الراغبين، وحمدي إياك فوق حمد الحامدين، ولا تخذلني عند فاقتي إليك، ولا تهلكني بما أسديته إليك، ولا تجبهني بما جبهت به المعاندين لك، فإني لك مسلمٌ، أعلم أن الحجة لك، وأنك أولى‏ بالفضل، وأعود بالإحسان، وأهل التقوى‏ وأهل المغفرة.

 

(15)

اللهم إنك بأن تعفو أولى‏ منك بأن تعاقب، وأنك بأن تستر أقرب منك إلى‏ أن تشهر، فأحيني حياةً طيبةً تنتظم بما أريد، وتبلغ ما أحب من حيث لا آتي ما تكره، ولا أرتكب ما نهيت عنه، وأمتني ميتة من يسعى‏ نوره بين يديه وعن يمينه، وذللني بين يديك، وأعزني عند خلقك، وضعني إذا خلوت بك، وارفعني بين عبادك، وأغنني عمن هو غني عني، وزدني إليك فاقةً وفقراً، وأعذني من شماتة الأعداء، ومن حلول البلاء، ومن الذل والعناء، تغمدني فيما اطلعت عليه مني بما يتغمد به القادر على‏ البطش لولا حلمه، والآخذ على‏ الجريرة لولا أناته، وإذا أردت بقومٍ فتنةً أو سوءاً فنجني منها لواذاً بك، وإذ لم تقمني مقام فضيحةٍ في دنياك فلا تقمني مثله في آخرتك، واشفع لي أوائل مننك بأواخرها، وقديم فوائدك بحوادثها، ولا تمدد لي مداً يقسو معه قلبي، ولا تقرعني قارعةً يذهب بها بهائي، ولا تسمني خسيسةً يصغر لها قدري، ولا نقيصةً يجهل من أجلها مكاني، ولا ترعني روعةً أبلس بها، ولا خيفةً أوجس دونها، إجعل هيبتي في وعيدك، وحذري من إعذارك وإنذارك، ورهبتي عند تلاوة آياتك، واعمر ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك، وتفردي بالتهجد لك، وإنزال حوائجي بك، ولا تذرني في طغياني عامهاً، ولا في غمرتي ساهياً حتى حينٍ، ولا تجعلني عظةً لمن اتعظ، وأوجدني برد عفوك وروحك وريحانك وجنة نعيمك، وأذقني طعم الفراغ لما تحب بسعةٍ من سعتك، والإجتهاد فيما يزلف لديك وعندك، وأتحفني بتحفةٍ من تحفاتك، واجعل تجارتي رابحةً، وأخفني مقامك، وشوقني لقاءك، وتب علي توبةً نصوحاً لا تبق معها ذنوباً صغيرةً ولا كبيرةً، ولا تذر معها علانيةً ولا سريرةً، وانزع الغل من صدري للمؤمنين، واعطف بقلبي على‏ الخاشعين.

(16)

إلهي حلني حلية المتقين، واجعل لي لسان صدقٍ في الغابرين، وذكراً نامياً في الآخرين، وواف بي منازل الأولين، وتمم سبوغ نعمتك علي، وظاهر كراماتها لدي، املأ من فوائدك يدي، وسق كرائم مواهبك إلي، وجاور بين الأطيبين من أوليائك، في الجنان التي زينتها لأصفيائك، وجللني شرائف نحلك في المقامات المعدة لأحبائك، واجعل لي عندك مقيلاً آوي إليه مطمئناً، ومثابةً أتبوأها وأقر عيناً، ولا تقايسني بعظيمات الجرائر، ولا تهلكني يوم تبلى‏ السرائر، وأزل عني كل شك وشبهةٍ، واجعل لي في الحق طريقاً من كل رحمةٍ، وأجزل لي قسم المواهب من نوالك، ووفره علي حظوظ الإحسان من إفضالك، واجعل قلبي واثقاً بما عندك، وهمي مستفرغاً لما هو لك، واستعملني بما تستعمل به خالصتك، وأشرب قلبي عند ذهول العقول طاعتك، واجمع لي الغنى‏ والعفاف والدعة والمعافاة والصحة والسعة والطمأنينة والعافية، ولا تحبط حسناتي بما يشوبها من معصيتك، ولا خلواتي بما يعرض لي من نزعات فتنتك، وصن وجهي عن الطلب إلى‏ أحدٍ من العالمين، وذبني عن التماس ما عند الفاسقين، ولا تجعلني للظالمين ظهيراً، ولا لهم على‏ محو كتابك يداً ونصيراً، وحطني من حيث لا أعلم حياطةً تقيني بها، وافتح لي أبواب توبتك ورحمتك ورأفتك ورزقك الواسع، إني إليك من الراغبين، وأتمم لي إنعامك إنك خير المنعمين، واجعل باقي عمري في الحج والعمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين، وصلى‏ الله على‏ محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين، والسلام عليه وعليهم أبد الآبدين.

(17)

من مناجاة أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه

 

إلـهي لولا ما جهلت من أمري، ما شكوت عثراتي ولولا ما ذكرت من الإفراط ما سحت عبراتي..

إلـهي فامح مثبتات العثرات بمرسلات العبرات، وهب كثير السيئات لقليل الحسنات..

إلـهي إن كنت لا ترحم إلا المجد في طاعتك، فأنى يلتجئ المخطئون؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الإحسان، فأنى يصنع المسيئون؟ وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون فكيف يستغيث المذنبون؟..

إلـهي أفحمتني ذنوبي وانقطعت مقالتي فلا حجة لي ولا عذر فأنا المقرّ بجرمي، والمعترف بإساءتي والأسير بذنبي المرتهن بعملي..

إلـهي فصل على محمد وعلى آل محمد وارحمني برحمتك وتجاوز عني، اللهم إن صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي..

إلـهي كيف أنقلب بالخيبة عندك محروماً، وظني بجودك أن تقبلني مرحوماً، فإني لم أسلط على حسن ظني بك قنوط الآيسين فلا تبطل صدق رجائي لك بين الآملين..

إلـهي عظم جرمي إذ كنت المتطالب به..

إلـهي إن أوحشتني الخطايا من محاسن لطفك، فقد آنسني اليقين بمكارم عطفك..

إلـهي إن أماتتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد أنبهتني المعرفة بكريم آلائك..


(18)

 

إلـهي لو لم تهدني إلى الإسلام، ما اهتديت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم تعرفني حلاوة نعمتك ما عرفت ولو لم يتبين لي شديد عقابك ما استجرت..

إلـهي إن أقعدني التخلف عن السير مع الأبرار، فقد أقامتني الثقة بك على مدارج الأخيار..

إلـهي نفسي أعززتها بتأييد إيمانك كيف تذلها بين أطباق نيرانك.. إلـهي كل مكروب فإليك يلتجئ وكل محزون فإليك يرتجي..

إلـهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا, وسمع المذنبون بسعة غفرانك فطمعوا حتى ازدحمت عصائب العصاة ببابك، وعج منهم إليك العجيج والضجيج بالدعاء في بلادك..

إلـهي أنت دللتني على سؤالك الجنة قبل معرفتها، فأقبلت النفس بعد العرفان على مسألتها أفتدل على خير بالسؤال ثم تمنعه؟ وأنت الكريم المحمود في كل ما تصنعه يا ذا الجلال والإكرام..

إلـهي إن كنت غير مستأهل لما أرجو من رحمتك فأنت أهل أن تجود على المذنبين بفضل سعتك..

إلـهي نفسي قائمة بين يديك, وقد أظلها حسن التوكل عليك, فاصنع بي ما أنت أهله، وتغمدني برحمة منك..

إلـهي شهد جناني بتوحيدك وانطلق لساني بتمجيدك ودلني القرآن على فضل جودك، فكيف لا يتحقق رجائي بحسن موعدك؟..

 

(19)

 

إلـهي سترت علي في الدنيا ذنوباً فلم تظهرها فلا تفضحني يوم ألقاك على رءوس العالمين بها، واسترها علي يا أرحم الراحمين هنالك..

إلـهي مسكنتي لا يجبرها إلا عطاؤك وأمنيتي لا يفيها إلا لقاؤك..

إلـهي أستوفقك لما يدنيني منك، وأعوذ بك مما يصرفني عنك..

يا أنيس كل غريب آنس في القبر وحشتي وارحم وحدتي, ويا عالم السر والأخفى، ويا كاشف الضر والبلوى، كيف نظرك لي من بين ساكني الثرى؟ وكيف صنيعك لي في دار الوحشة والبلى؟ قد كنت بي لطيفاً في حياتي، فلا تقطع برك عني بعد وفاتي, يا أفضل المنعمين في آلائه وأكرم المتفضلين في نعمائه كثرت عندي أياديك فعجزت عن إحصائها وضقت ذرعاً في شكري للمسائل بجزائها، فلك الحمد على ما أوليت، ولك الشكر على ما أبليت، يا خير من دعاه داعٍ، وأفضل من رجاه راجٍ، يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، يا من له الخلق والأمر، تباركت يا أحسن الخالقين, يا رحيم يا قدير يا كريم صل على محمد وآله الطيبين..

 


(20)

 

من دعوات السيد أحمد الرفاعي

 

اللهم فارج الهم كاشف الغم مجيب دعوة المضطرين، رحمـن الدنيا والآخرة ورحيمهما، أنت ترحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك لا إله إلا أنت يا رب كل شيء, سبحانك لا إله إلا أنت, يا وارث كل شيء يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين يا عليّ يا عظيم يا صمد يا فرد يا واحد يا أحد يا من بيده الخير وهو على كل شيء قدير، نسألك توكلاً خالصاً عليك ورجوعاً في كل الأحوال إليك واعتماداً على فضلك واستناداً لبابك يا عالم السر والنجوى، يا كاشف الضر والبلوى، يا من تضرع إليه قلوب المضطرين وتعول عليه همم المحتاجين، نسألك اللهـم بمعاقد العز من عرشك، وبمنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك العليّ الأعلى، وبكلماتك التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبإشراق وجهك، أن تصلي على سيدنا محمد وآله وصحبه وذريته، وأن تحفّنا بألطافك الخفية حتى نرفل بحلل الأمان من خوارق الحدثان، وعلائق الأكوان وإشراك الحرمان وغوائل الخذلان، ودسائس الشيطان وسوء النية وظلمة الخطية.

اللهم امنحني قلباً لا ينصرف في آماله إلا إليك، ولبّـاً لا يعول في أحواله إلا عليك، وقلبني على بساط المعرفة بقوة التوحيد واليقين، وأيدني بك لك بما أيدّت به عبادك الصالحين.

اللهم اسلك بي طريق نبيك المصطفى سيد المقربين الأحباب، وأوزعني أن أشكر نعمتك باتباعه عليه الصلاة والسلام بطريقة الحق والصواب..

(21)

 

من مناجاة السيد أحمد بن إدريس

 

اللهـم أنت الله الملك الحق المبين القديم المتعزز بالعظمة والكبرياء المنفرد بالبقاء الحي القيوم المقتدر الجبار القهار الذي لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك, عملت سوءاً وظلمت نفسي، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي كلها فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت..

أشهد أنك ربي ورب كل شيء فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة العلي الكبير المتعال..

 

اللهـم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد والشكر على نعمك, وأسألك حسن عبادتك وأسألك من خير كل ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم إنك أنت علام الغيوب.

 

 

(22)

 

من مناجاة أبي الحسن الشاذلي

اللهم يا قوي يا عزيز لك مقاليد السموات والأرض تبسط الرزق لمن تشاء وتقدر، فابسط لنا من الرزق ما توصلنا به إلى رحمتك، ومن رحمتك ما تحول به بيننا وبين نقمتك، ومن حلمك ما يسعنا به عفوك، واختم لنا بالسعادة التي ختمت بها لأوليائك، واجعل خير أيامنا وأسعدها يوم لقائك، وزحزحنا في الدنيا عن نار الشهوة، وأدخلنا بفضلك في ميادين الرحمة، واكسنا من نورك جلابيب العصمة، واجعل لنا ظهيراً من عقولنا ومهيمناً من أرواحنا, ومسخراً من أنفسنا كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيراً..

اللهـم إني أسألك لساناً رطباً بذكرك، وقلباً مفعماً بشكرك، وبدناً هيناً ليناً بطاعتك، وأعطنا مع ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، كما أخبر به رسولك حسب ما علمته بعلمك، وأغننا بلا سبب واجعلنا سبب الغنى لأوليائك، وبرزخاً بينهم وبين أعدائك، إنك على كل شيء قدير..

اللهـم إنا نسألك إيماناً كاملاًَ، ونسألك قلباً خاشعاً، ونسألك علماً نافعاً، ونسألك يقيناً صادقاً، ونسألك ديناً قيماً، ونسألك العافية من كل بلية، ونسألك تمام الغنى عن الناس.

اللهم رضّنا بقضائك وصبّرنا على طاعتك، وعن معصيتك وعن الشهوات الموجبات للنقض أو البعد عنك، وهب لنا حقيقة الإيمان بك حتى لا نخاف ولا نرجو غيرك، ولا نعبد شيئاً سواك.

(23)

 

يا خير الغافرين، يا خير الفاتحين، يا خير الناصرين، يا خير الحاكمين، يا خير الرازقين، يا خير الوارثين، يا خير الحامدين، يا خير الذاكرين، يا خير المنزلين، يا خير المحسنين.

يا من له العزة والجمال، يا من له القدرة والكمال، يا من له الملك والجلال، يا من هو الكبير المتعال يا منشيء السحاب الثقال، يا من هو شديد المحال، يا من هو سريع الحساب، يا من هو شديد العقاب، يا من عنده حسن الثواب، يا من عنده أم الكتاب.
يا من تواضع كل شيء لعظمته، يا من استسلم من كل شيء لقدرته، يا من ذل كل شيء لعزته، يا من خضع كل شيء لهيبته، يا من انقاد كل شيء من خشيته، يا من تشققت الجبال من مخافته، يا من قامت السموات بأمره، يا من استقرت الأرضون بإذنه، يا من يسبح الرعد بحمده، يا من لا يعتدی على أهل مملكته.

يا غافر الخطايا، يا كاشف البلايا، يا منتهى الرجايا، يا مجزل العطايا، يا واهب الهدايا، يا رازق البرايا، يا قاضي المنايا، يا سامع الشكايا، يا باعث البرايا، يا مطلق الأسارى.
يا صانع كل مصنوع، يا خالق كل مخلوق، يا رازق كل مرزوق، يا مالك كل مملوك، يا كاشف كل مكروب، يا فارج كل مهموم، يا راحم كل مرحوم، يا ناصر كل مخذول، يا ساتر كل معيوب، يا ملجأ كل مطرود.
يا عدتي عند شدتي، يا رجائي عند مصيبتي، يا مؤنسي عند وحشتي، يا صاحبي عند غربتي، يا وليي عند نعمتي، يا غياثي عند كربتي.

 

(24)
يا من هو رب كل شيء، يا من هو إله كل شيء، يا من هو خالق كل شيء، يا من هو صانع كل شيء، يا من هو قبل كل شيء، يا من هو بعد كل شيء، يا من هو فوق كل شيء، يا من هو عالم بكل شيء، يا من هو قادر على كل شیء، يا من هو يبقى ويفنى كل شیء.

يا من هو في ملكه مقيم، يا من هو في سلطانه قديم، يا من هو في جلاله عظيم، يا من هو على عباده رحيم، يا من هو بكل شیء عليم، يا من هو بمن عصاه حليم، يا من هو بمن رجاه كريم، يا من هو في صنعه حكيم، يا من هو في حكمته لطيف، يا من هو في لطفه قديم.

يا من لا يرجى إلا فضله، يا من لا يسأل إلا عفوه، يا من لا ينظر إلا بره، يا من لا يخاف إلا عدله، يا من لا يدوم إلا ملكه، يا من لا سلطان إلا سلطانه، يا من وسعت كل شيء رحمته، يا من سبقت رحمته غضبه، يا من أحاط بكل شیء علمه، يا من ليس أحد مثله.

يا فارج الهم يا كاشف الغم، يا غافر الذنب، يا قابل التوب، يا خالق الخلق، يا صادق الوعد، يا موفي العهد، يا عالم السر، يا فالق الحب، يا رازق الأنام، يا كم أظهر الجميل، يا من ستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، يا من لم يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى.

يا ذا النعمة السابغة، يا ذا الرحمة الواسعة، يا ذا المنة السابقة، يا ذا الحكمة البالغة، يا ذا العزة الدائمة ، يا ذا العظمة المنيعة.

(25)

 

 

 

 

 

يا بديع السموات، يا جاعل الظلمات، يا راحم العبرات، يا مقيل العثرات، يا ساتر العورات، يا محيي الأموات، يا منزل الآيات، يا مضعف الحسنات، يا ماحي السيئات، يا شديد النقمات.

اللهم إنی أسألك باسمك يا مصور يا مقدر يا مدبر يا مطهر يا منور يا مسير يا مبشر يا منذر يا مقدم يا مؤخر.

يا رب البيت الحرام، يا رب الشهر الحرام، يا رب البلد الحرام، يا رب الركن والمقام، يا رب المشعر الحرام، يا رب المسجد الحرام، يا رب الحل والحرام، يا رب النور والظلام، يا رب التحية والسلام، يا بر القدرة فی الأنام.

يا أحكم الحاكمين، يا أعدل العادلين، يا أصدق الصادقين، يا أطهر الطاهرين، يا أحسن الخالقين، يا أسرع الحاسبين، يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين، يا أشفع الشافعين، يا أكرم الأكرمين.

يا عماد من لا عماد له، يا سند من لا سند له، يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز من لا حرز له، يا غياث من لا غياث له، يا فخر من لا فخر له، يا عز من لا عز له، يا معين من لا معين له، يا أنيس من لا أنيس له، يا أمان من لا أمان له.

 

(26)
اللهم إنی أسألك باسمك يا عاصم يا قائم يا دائم يا راحم يا سالم يا حاكم يا عالم يا قاسم يا قابض يا باسط.

يا عاصم من استعصمه، يا حافظ من استرحمه، يا غافر من استغفره، يا ناصر من استنصره، يا حافظ من استحفظه، يا مكرم من استكرمه، يا مرشد من استرشده، يا صريخ من استصرخه، يا معين من استعانه، يا مغيث من استغاثه.

يا عزيزاً لا يضام، يا لطيفاً لا يرام، يا قيوماً لا ينام، يا دائماً لا يفوت، يا حياً لا يموت، يا ملكاً لا يزول، يا باقياً لا يفنى، يا عالماً لا يجهل، يا صمداً لا يطعم، يا قوياً لا يضعف.

يا أعظم من كل عظيم، يا أكرم من كل كريم، يا أرحم من كل رحيم، يا أعلم من كل عليم، يا أحكم من كل حكيم، يا أقدم من كل قديم، يا أكبر من كل كبير، يا ألطف من كل لطيف، يا أجل من كل جليل، يا أعز من كل عزيز.

يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا كثير الخير، يا قديم الفضل، يا دائم اللطف، يا لطيف الصنع، يا منفس الكرب، يا كاشف الضر، يا مالك الملك، يا قاضي الحق.

يا من هو في عهده وفي، يا من هو في وفائه قوي، يا من هو في قوته علي، يا من هو في علوه قريب، يا من هو في قربه لطيف، يا من هو في لطفه شريف، يا من هو في شرفه عزيز، يا من هو في عزه عظيم، يا من هو في عظمته مجيد، يا من هو فی مجده حميد.

(27)

يا من كل شيء خاضع له، يا من كل شيء خاشع له، يا من كل شيء كائن له، يا من كل شيء موجود به، يا من كل شیء منيب إليه، يا من كل شيء خائف منه، يا من كل شيء قائم به، يا من كل شیء صائر إليه يا من كل شیء يسبح بحمده، يا من كل شيء هالك إلا وجهه.

يا من لا مفر إلا إليه، يا من لا مفزع إلا إليه، يا من لا مقصد إلا إليه، يا من لا منجى منه إلا إليه، يا من لا يرغب إلا إليه، يا من لا حول ولا قوة إلا به، يا من لا يستعان إلا به، يا من لا يتوكل إلا عليه، يا من لا يُرجى إلا هو، يا من لا يعبد إلا هو.

يا خير المرهوبين، يا خير المرغوبين، يا خير المطلوبين، يا خير المسؤولين، يا خير المقصودين، يا خير المذكورين، يا خير المحبوبين، يا خير المدعوين، يا خير المستأنسين.

يا من خلق فسوى، يا من قدر فهدى، يا من كشف البلوى، يا من يسمع النجوى، يا من ينقذ الغرقى، يا من ينجي الهلكى، يا من يشفي المرضى، يا من أضحك وأبكى، يا من أمات وأحيى، يا من خلق الزوجين الذكر والأنثى.

يا من في البر والبحر سبيله، يا من في الآفاق آياته، يا من في الآيات برهانه، يا من في الممات قدرته، يا من في القبور عبرته، يا من في القيامة ملكه، يا من في الحساب هيبته، يا من في الميزان قضاؤه، يا من في الجنة ثوابه، يا من في النار عقابه.

(28)

يا من إليه يهرب الخائفين، يا من إليه يفزع المذنبون، يا من إليه يقصد المنبيون، يا من إليه يرغب الزاهدون، يا من إليه يلجأ المتحيرون، يا من إليه يستأنس المريدون، يا من به يفتخر المحبون، يا من في عفوه يطمع الخاطئون، يا من إليه يسكن الموقنون، يا من عليه يتوكل المتوكلون.

 

يا أقرب من كل قريب، يا أحب من كل حبيب، يا أبصر من كل بصير، يا أخبر من كل خبير، يا أشرف من كل شريف، يا أرفع من كل رفيع، يا أقوى من كل قوي، يا أغنى من كل غني، يا أجود من كل جواد، يا أرأف من كل رؤوف.
يا غالباً غير مغلوب، يا صانعاً غير مصنوع، يا خالقاً غير مخلوق، يا مالكاً غير مملوك، يا قاهراً غير مقهور، يا رافعاً غير مرفوع، يا حافظاً غير محفوظ، يا ناصراً غير منصور، يا شاهداً غير غائب، يا قريباً غير بعيد.

يا من يَرى ولا يُرى، يا من يَخلق ولا يُخلق، يا من يَهدی ولا يُهدى، يا من يحيي ولا يُحيى، يا من يَسأل ولا يُسأل، يا من يُطعم ولا يَطعم، يا من يجير ولا يجار عليه، يا من يقضي ولا يُقضى عليه، يا من يحكم ولا يُحكم عليه، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
يا نعم الحسيب، يا نعم الطبيب، يا نعم، الرقيب، يا نعم القريب، يا نعم، المجيب، يا نعم الحبيب، يا نعم الكفيل، يا نعم الوكيل، يا نعم المولى، يا نعم النصير.

(29)

 

 

يا سرور العارفين، يا منى المحبين، يا أنيس المريدين، يا حبيب التوابين، يا رازق المقلين، يا رجاء المذنبين، يا قرة عين العابدين، يا منفس عن المكربين، يا مفرج عن المغمومين، يا إله الأولين و الآخرين.

يا من نفذ فی كل شیء أمره، يا من لحق بكل شیء علمه، يا من بلغت إلى كل شیء قدرته، يا من لا تُحصی في العباد نعمه، يا من لا تبلغ إلى كل شیء قدرته، يا من لا تبلغ الخلائق شكره، يا من لا تدرك الأفهام جلاله، يا من لا تنال الأوهام كنهه، يا من العظمة والكبرياء رداؤه، يا من لا ترد العباد قضاءه، يا من لا ملك إلا ملكه، يا من لا عطاء إلا عطاؤه.

 

يا من في السماء عظمته، يا من في الأرض آياته، يا من في كل شیء دلائله، يا من في البحار عجائبه، يا من في الجبال خزائنه، يا من يبدأ الخلق ثم يعيده، يا من إليه يرجع الأمر كله، يا من أظهر فی كل شیء لطفه، يا من أحسن كل شیء خلقه، يا من تصرف فی الخلائق قدرته.

يا حبيب من لا حبيب له، يا طبيب من لا طبيب له، يا مجيب من لا مجيب له، يا شفيق من لا شفيق له، يا رفيق من لا رفيق له، يا مغيث من لا مغيث له، يا دليل من لا دليل له، يا أنيس من لا أنيس له، يا راحم من لا راحم له، يا صاحب من لا صاحب له.

 

(30)

 

 

يا كافي من استكفاه، يا هادي من استهداه، يا كاليء من استكلاه، يا راعي من استرعاه، يا شافي من استشفاه، يا قاضي من استقضاه، يا مغني من استغناه، يا موفي من استوفاه، يا مقوي من استقواه، يا ولي من استولاه.

يا من يقلب الليل والنهار، يا من جعل الظلمات والأنوار، يا من خلق الظل والحرور، يا من سخر الشمس والقمر، يا من قدر الخير والشر، يا من خلق الموت والحياة، يا من له الخلق والأمر، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، يا من ليس له شريك في الملك، يا من لم يكن له ولي من الذل.

يا من يعلم مراد المريدين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من يسمع أنين الواهنين، يا من يرى بكاء الخائفين، يا من يملك حوائج السائلين، يا من يقبل عذر التائبين، يا من لا يصلح عمل المفسدين، يا من لا يضيع أجر المحسنين، يا من لا يبعد عن قلوب العارفين، يا أجود الأجودين.

يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء، يا واسع العطاء، يا غافر الخطايا، يا بديع السماء، يا حسن البلاء، يا جميل الثناء، يا قديم السناء، يا كثير الوفاء، يا شريف الجزاء.

يا من خلقني وسواني، يا من رزقني، يا من رباني، يا من أطعمني وسقانی، يا من قربني وأدناني، يا من عصمني وكفاني، يا من حفظني وكلاني، يا من أعزني وأغناني، يا من وفقني وهداني، يا من آنسني وآواني، يا من أماتني، وأحياني.

(31)

يا رب العالمين، يا مالك يوم الدين، يا غاية الطالبين، يا ظهر اللاجين، يا مدرك الهاربين، يا من يحب الصابرين، يا من يحب التوابين، يا من يحب المتطهرين، يا من يحب المحسنين، يا من هو أعلم بالمهتدين.

يا من هو أحد بلا ضد، يا من هو فرد بلا ند، يا من هو صمد بلا عيب، يا من هو وتر بلا كيف، يا من هو قاضٍ بلا حيف، يا من هو رب بلا وزير، يا من هو عزيز بلا ذل، يا من هو عني بلا فقر، يا من هو ملك بلا عزل، يا من هو موصوف بلا تشبيه.

يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره فوز للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، يا من طاعته نجاة للمطيعين، يا من بابه مفتوح للطالبين، يا من سبيله واضح للمنيبين، يا من آياته برهان للناظرين، يا من كتابه تذكرة للمتقين، يا من رزقه عموم للطائعين والعاصين، يا من رحمته قريب من المحسنين.

يا من تبارك اسمه، يا من تعالى جده، يا من لا إله غيره، يا من جل ثناؤه، يا من تقدست اسماؤه، يا من يدوم بقائه، يا من العظمة بهاؤه، يا من الكبرياء رداؤه، يا من لا تحصى آلاؤه، يا من لا تعد نعماؤه.

 

(32)
اللهم يا خير معروف عُرف، يا أفضل معبود عبد، يا أجل مشكور شُكر، يا أعز مذكور ذُكر، يا أعلى محمود حُمد، يا أقدم موجود طُلب، يا أرفع موصوف وُصف، يا أكبر مقصود قُصد، يا أكرم مسؤول سُئل، يا أشرف محبوب علم.

يا حبيب الباكين، يا سيد المتوكلين، يا هادي المضلين، يا ولي المؤمنين، يا أنيس الذاكرين، يا مفزع الملهوفين، يا منجي الصادقين، يا أقدر القادرين، يا أعلم العالمين يا إله الخلق أجمعين.

يا من علا فقهر، يا من ملك فقدر، يا من بطن فخبر، يا من عبد فشكر، يا من عصي فغفر، يا من لا تحويه الفِكر، يا من لا يدركه بصر، يا من لا يخفی عليه أثر، يا رازق البشر، يا مقدر كل قدر.

يا من لا يعلم الغيب إلا هو، يا من لا يصرف السوء إلا هو، يا من لا يخلق الخلق إلا هو، يا من لا يغفر الذنب إلا هو، يا من لا يتم النعمة إلا هو، يا من لا يقلب القلوب إلا هو، يا من لا يدبر الأمر إلا هو، يا من لا ينزل الغيث إلا هو، يا من لا يبسط الرزق إلا هو، يا من لا يحيي الموتى إلا هو.

يا معين الضعفاء، يا صاحب الغرباء، يا ناصر الأولياء، يا قاهر الأعداء، يا رافع السماء، يا أنيس الأصفياء، يا حبيب الأتقياء، يا كنز الفقراء، يا إله الأغنياء، يا أكرم الكرماء.

يا كافياً من كل شيء، يا قائماً على كل شيء، يا من لا يشبهه شيء، يا من هو خبير بكل شيء، يا من وسعت رحمته كل شیء.

(33)

 

يا أول كل شيء وآخره، يا إله كل شيء ومليكه، يا رب كل شيء وصانعه، يا بارىء كل شيء وخالقه، يا قابض كل شيء وباسطه، يا مبديء كل شيء ومعيده، يا منشىء كل شيء ومقدره، يا مكون كل شيء ومحوله، يا محيي كل شيء ومميته، يا خالق كل شیء ووارثه.

يا خير ذاكر ومذكور، يا خير شاكر ومشكور، يا خير حامد ومحمود، يا خير شاهد ومشهود، وخير داع ومدعو، يا خير مجيب ومجاب، يا خير مؤنس وأنيس، يا خير صاحب وجليس، وخير مقصود ومطلوب، يا خير حبيب و محبوب.

يا من هو لمن دعاه مجيب، يا من هو لمن أطاعه حبيباً، يا من هو إلى من أحبه قريب، يا من هو بمن استحفظه رقيب، يا من هو بمن رجاه كريم، يا من هو بمن عصاه حليم، يا من هو في عظمته رحيم، يا من هو في حكمته عظيم، يا من هو في إحسانه قديم، يا من هو بمن أراده عليم.

يا من علمه سابق، يا من وعده صادق، يا من لفظه ظاهر، يا من أمره غالب، يا من كتابه محكم، يا من قضاؤه كائن، يا من قرآنه مجيد، يا من ملكه قديم، يا من فضله عميم، يا من عرشه عظيم.

يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يمنعه فعل عن فعل، يا من لا يلهيه قول عن قول، يا من لا يغلطه سؤال عن سؤال، يا من لا يحجبه شيء عن شيء، يا من لا يبرمه إلحاح عن الملحين، يا من هو غاية مراد المريدين، يا من هو منتهى همم العارفين، يا من هو منتهى طلب الطالبين، يا من لا يخفی عليه ذرة في العالمين.

رحلة سالك

 

استمع واصبر وأدرك شرطنا أيها السالك تبغي قربنا
وتأمل قبل أن تهفو لنا لا تغامر في الهوى مجتهداً
كم من الأجيال أفنى عشقنا كم أضاع الحب من مجتهد
لم ينالوا ساعة من وصلنا ولقد أفنى الهوى أعمارهم
هلكوا من دون أن يحظوا بنا وعلى وادي الهوى آثارهم
ورجوت الوصل مما عندنا فإذا صممت أن تحيا بنا
راضياً بالموت فينا ثمنا عارفاً في حبنا أشراطه
وتهيأ لتلاقي المحنا فانتظر من بأسنا أقداره
وجفون لا تذوق الوسنا جسد مضنى وروح في العنا
وعيون لا ترى من دوننا وفؤاد ليس فيه غيرنا
وإذا ما شئت أد الثمنا وعظام وهنت في حبنا
واكتفي عن خلقنا طراً بنا لا تكلم أحداً من خلقنا
وأطل في الدمع وابك قربنا والتزم بالباب ترجو وصلنا
وأزل ما بيننا من بيننا وعن الكونين كن منخلعاً
وارج منا ساعة من وصلنا وانتحب شوقاً إلينا وابكنا
وترى في العمر يوماً أنسنا ربما نرضى فيبدو وجهنا
وترى في قدسنا أطلالنا فترى من أنسنا أطلاله
وترى في الموت باباً نحونا فتعيش الدهر تبكي وصلنا
ورضينا أن ترى عبداً لنا فإذا شئناك أن تحيا بنا
لا تغادر ساعة أعتابنا فالتزم طول المدى في بابنا
يتسامى في المعالي نحونا هذه الأقدار من يبلغها
وينال الوصل من يفنى بنا هكذا الحب منيع المرتقى
فالتزم أو دع وهذا شرطنا قدر الحب منيع المرتقى

     

           

تحميل الملف أوراد الذاكرين

Related posts

المشترك اكثر من ما تعتقد

drmohammad

د.محمد حبش- نيران صديقة 15/5/2016

drmohammad

د.محمد حبش- أمة العقل .. لا أمة النص… 20/1/2017

drmohammad

Leave a Comment