مقالات

القيم العليا للبشرية

الفرضية التي تطرحها هذه الدراسة هي أن القيم العليا للبشرية محلُ اتفاق، وأن الأختلاف بين البشر في العمل بالقيم العليا لا يحتاج إلا إلى إرادةٍ خلَّاقَّةٍ لعمل الخير، ولا يتوقف أبداً على نصوص من الغيب ولا قرارات من الكهنوت.

لقد كانت البشرية بحاجة لخطاب الغيب نظراً للغموض الذي كان الإنسان يعيشه من قبل، الذي كان يغلِّف حياته بالغامض والأسرار، وكان بحياة الرجل يلقي العصا فتصير ثعباناً يلقف ما يأفكون، فيصدمهم ويذهلهم ويفغر أفواههم ليقول لهم بعد ذلك يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.

ليس للخير هنا أي مادة تعريفية على غرار تلك التي نعرفها في القانون لتحديد دلالة النص ومقتضياته، لقد كانت كلمة الخير واضحة معرفة بقدر ما يتعرف إليها الضمير الإنساني الحر.

في كتابي المذهب الإنساني في الإسلام بيَّنت بوضوح أن القيم العليا للبشرية محل اتفاق بين الجميع، وأن القرآن يدل لها، واقترحت في كتابي عشرة قيم لا يختلف عليها العقلاء، وهي: العدل والمساواة والحرية، والفضيلة والخير، والجمال والحب والسلام، والطهارة والرحم والأسرة والعفاف.

وأمام هذه االحقائق فإن القيم العليا للبشرية لا تختلف بين جيل وآخر ولا تتناقض في محور وآخر، ووفق معايير الأم المتحدة يمكن الوصول إلى أهم بلاد الله في العدالة والشفافية والاهتمام والكمال الجزئي والتاريخ البشري.
الأمانة مثلاً قيمة عليا للبشرية، وهي التي جاء القرآن الكريم على ذكرها تحديداً في الآية الكريمة: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا ٱلْأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلْإِنسَٰنُ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾، [الأحزاب: 72].

ولا يختلف اثنان على قيمة الأمانة وسمو مركزها الأخلاقي والمجتمعي، ولكن يتعين القول إننا نكتفي في الحديث عن الأمانة برواية النصوص الكريمة، وربما الإشارة إلى بعض مواقف الأمانة في حياة الرسول والسلف الصالح، ولكن المنطق العلمي يتطلب منا أن نوجد معايير لقياس الأمانة في المجتمع، وتحديد القيم والمأثرات التشريعية التي يتعين أن تنهض بها الأمة كلما أردنا التوجه إلى هذا الباب. الاسم التاريخي لمدينة العين الإماراتية

Related posts

د.محمد الحبش- تقبل الله طاعاتكم .. وكل عام وأنتم بخير 12/10/2007

drmohammad

د.محمد حبش- دمشق والقدس… أرض التين والزيتون…توأمة روحية وتاريخية 4/2006

drmohammad

د.محمد حبش- الإسلام والخيار الديمقراطي 9/3/2007

drmohammad