Uncategorized

د.محمد حبش-المشترك بين القرآن وشرعة حقوق الإنسان

في سياق الصعود الرهيب لداعش والحركات المتشددة التي لا تؤمن بمنطق الحوار مع الآخر ولا ترى في العالم إلا جاهلية وثنية يجب تدميرها وتحطيمها لإقامة شرع الله……
وفي ظل الإعدامات الرهيبة التي تمت يوم أمس في الموصل وكرست القطيعة التامة بين الشريعة وحقوق الإنسان.
أقدم للقراء الكرام هذه الدراسة الدقيقة التي أنجزتها مع السيد هانس كوريل الفقيه السويدي في القانون الدولي على هامش مؤتمر ليوبولد سكرون في سالزبورع حول القرآن والقانون الدولي.
هانس كوريل فقيه سويدي في القانون الدولي وهو واحد من ألمع خبراء القانون الدولي في العالم، وقد عمل عشر سنوات من 1994-2004 مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة ومستشاراً للهيئة الدولية لشؤون القانون الدولي.
يتبنى الرجل رؤية فريدة في إطار التكامل بين حقوق الإنسان ونصوص القرآن، وهو موقف على غاية من الأهمية ، خاصة حين يصدر عمن يمكن تعريفه بأنه واحد من أكبر العقول الحقوقية في العالم اليوم.
إنه لأمر مؤسف اننا خلال عقود طويلة مارسنا هنا في الشرق رجم الديقراطية الغربية بالحجارة، واتهمنا إنجازات الغرب في إطار حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات على أنها ديمقراطيات زائفة، وتم تخوينها عبر كتاب إسلاميين بأنها جاهلية القرن العشرين، أو أنها استكبار عن العبودية لله وحاكمية الشريعة وانكفاء إلى استفتاء الناس بدل استفتاء الوحي المعصوم.
ومع أن أكبر سبب لهذه القطيعة بين الإسلاميين والديمقراطية مرده إلى الاستبداد الذي مارسته الأنظمة العربية التي تدعي العلمانية والديمقراطية حيث بدا للناس أن ممارسات الأنظمة العربية الاستبدادية هي صورة عن الديمقراطية المزعومة، وأن الديمقراطية الغربية هي تطور في الدرجة لا في النوع، وأنها تحقق لمواطنيها العدالة عبر ظلم الشعوب الأخرى، وأنها المآل قائمة على المظالم والاستغلال.
وحتى إعلان حقوق الإنسان الذي يسجل أروع ما حققه الإنسان في نضاله من أجل الحرية والكرامة تمت مهاجمتها بضراوة عبر جحافل الواعظين على أساس أنها انحراف عن حاكمية الله.
فقد جرت بالفعل مهاجمة إعلان حقوق الإنسان من منطلق إسلامي لعقود طويلة واعتبرت شرعنة للخطايا والإثم والفحشاء تحت ستار الحرية، فيما انصرف عدد من الكتاب والفقهاء إلى الدعوة إلى أسلمة هذا الإعلان أو تقديم إعلان بديل بعنوان إعلان حقوق الإنسان الإسلامي.
وفي المقابل كان هناك شرفاء احرار يعملون بروح أخرى تعتمد العقل والعلم والواقعية الحضارية، ويؤسسون لمشترك إنساني يعلي من شأن الإنسان في حريته وكرامته، ويعزز الاحترام المتبادل للوحي الإلهي والكفاح الإنساني ويؤكد الأفق المشترك الذي يلتقي فيه الوحي مع الكفاح الإنساني النبيل.

ولذلك فإنه من الطبيعي أن تتقارب شرائع السماء مع ما تم إقراره في المحافل الإنسانية الدولية من أحكام وقوانين تهدف لتحقيق كرامة الإنسان وحمايته من الظلم والاستبداد والدكتاتورية والدعوة إلى تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم.
وأشير هنا إلى جهد هام كنا قد أنجزناه خلال مؤتمر خاص تم تنظيمه في معهد ليوبولد سكرون في سالزبورغ بالنمسا تم عقده تحت عنوان الإسلام والقانون الدولي، وقد قمنا بإجراء مقارنة دقيقة بين ما ورد في القرآن الكريم وما ورد في شرعة الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان، وقد صدر عن تلك الندوة مجموعة توصيات تؤكد على هذه الحقيقة.

ولتوضيح هذا التقارب بين ما ورد في القرآن الكريم وبين ما ورد في إعلان حقوق الإنسان فقد قمنا بإعداد الجدول المرفق حيث تمكن المقارنة بين النص الإسلامي من قرآن أو سنة، وبين النص الذي ورد في إعلان حقوق الإنسان.
وغني عن القول أننا لا نزعم التطابق بين ما ورد في الشرعة الدولية وبين ما جاء في القرآن الكريم، فالقرآن كتاب موعظة وهداية وليس نصاً سياسياً، والقرآن خطاب بلاغي والميثاق نص حقوقي، والقرآن نص ديني والميثاق دستور توافقي، ولكن على الرغم من ذلك كله فإنك ستشعر بالدهشة ولا ريب من التقارب الشديد بين دلالة القرآن الكريم ودلالات النص العالمي لحقوق الإنسان، وهذا يعزز الحقيقة التي نتحدث عنها وهي أن مقاصد الوحي الشريف وما بشر به الأنبياء الكرام لإسعاد الإنسان، يلتقي مع ما توصل إليه الإنسان في كفاحه من أجل الحرية والعدالة والكرامة.

النص الإسلامي نص إعلان حقوق الإنسان

ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البحر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً – الإسراء 70

لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
الديباجة فقرة 1

إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون – يونس 44
إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا (86) قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا (87) – سورة الكهف 87 ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
الديباجة فقرة 2
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم – الكهف 58 ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
الديباجة فقرة 3
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط سورة الحديد 25
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم – الحجرات 13 ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
الديباجة فقرة 4
مادة إجرائية ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد.
الديباجة فقرة 5

مادة إجرائية فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.
الديباجة فقرة 6
إن الله سبحانه وتعالى قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها ، كلكم لآدم، وآدم من تراب، – من خطاب النبي الكريم في حجة الوداع ،أخبار مكة للأزرقي ج2 ص383

يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة سورة النساء 1
المادة 1.
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.

في خطاب حجة الوداع للنبي الكريم: أيها الناس إن أباكم واحد وإن ربكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وأكرمكم عند الله أتقاكم – مسند أحمد رقم 8721
المادة 2.
• لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. ……..

ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً الإسراء 33
من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا سورة المائدة 32 المادة 3.
• لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.

فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ولو شاء الله انتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض – سورة محمد 4
والآية تنص على تحريم استرقاق الأسرى بعد الحرب، وتحصر حق الدولة بين أمرين اثنين لا ثالث لهما: المن، (إطلاق الإسرى بدون عوض) أو الفداء (إطلاقهم مقابل تعويض) وهذه الآية آخر ما نزل بشأن الأسارى
وفي آية أخرى : ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً سورة الدهر 8
وهي نص في وجوب إكرام الأسير وتوفير حقوقه الإنسانية
المادة 4.
• لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لطم غلامه أو ضربه فكفارته أن يعتقه _ صحيح مسلم ج5 ص90
وفي عصر الخلافة الراشدة تم استدعاء حاكم مصر وابنه ومحاكمتهما في المدينة المنورة وتم جلده بسبب ضربه لرجل مسيحي، وقال له عمر بن الخطاب: يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً المادة 5.
• لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس بأحب أسمائهم إليهم – معجم الطبراني 3499
يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون – سورة الحجرات 11

يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير – سورة الحجرات 13 المادة 6.
• لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.

في ميثاق المدينة الذي كتبه الرسول الكريم لتنظيم أحوال المدينة:
المؤمنون والمسلمون من قريش وأهل يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم …أمة واحدة من دون الناس………
وأنه من تبعنا من اليهود، فإن له المعروف والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم…..
وأن يهود بني عوف أمة من المؤمنين، لليهود دينهم وللمؤمنين دينهم، ومواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ (يسيء) إلا نفسه وأهل بيته…..
الأموال لابن زنجويه ج2 ص117 وانظر الأموال للقاسم بن سلام ج1 ص479
وقد تم فتح مكة في الإسلام انتصاراً لبعض المواطنين المظلومين من غير المسلمين من مشركي خزاعة.
وفي القرآن الكريم: قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها سورة الأعراف 85 المادة 7.
• كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.

دعا الإسلام إلى إجراء المحاكمات العادلة ونبه أن العدالة مرتبطة بالبينات والشهود، وأن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر
يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس ولا تتبع الهوى سورة ص آية 26
وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل – النساء 58
ونص بصراحة أن النبي نفسه قد يخطئ في الحكم، وعليه إذن أن يتراجع ويقضي بالعدالة:
إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له على نحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار صحيح البخاري ج2 ص 952 المادة 8.
• لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.

إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور، أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز سورة الحج 38-40
المادة 9.
• لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.

إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً، واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما، ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما سورة النساء 105- 107
والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون، وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين، ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم – سورة الشورى 41 المادة 10.
• لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه.

في خطاب الوداع للنبي الكريم: فإن الله قد حرم بينكم دماءكم وأموالكم قال ولا أدري قال أو أعراضكم أم لا كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا رواه أحمد ج37 ص474
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط – سورة الحديد 25
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا سورة الحجرات 12 المادة 11.
• ( 1 ) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
• ( 2 ) لا يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.

يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون (27) فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم النور 28 المادة 12.
• لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.

وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين سورة سبأ 18
وفي ميثاق المدينة الذي أعده النبي الكريم وهو أول دستور في الإسلام:
وأنه من خرج آمن، ومن قعد بالمدينة أمن أبر الأمن، إلا ظالما وآثماً. – الأموال للقاسم بن سلام ج1 ص 479 المادة 13.
• ( 1 ) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
• ( 2 ) يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.

هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور 15
ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما سورة النساء 100 المادة 14.
• ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
• ( 2 ) لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

قرر الإسلام حق الإنسان في التمتع بجنسية وطنية وفق العقد الاجتماعي
كان في صلح الحديبية الذي وقعه النبي الكريم:
من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل. سنن البيهقي ج8 ص99 المادة 15.
• ( 1 ) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
• ( 2 ) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.

يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء النساء 1
فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون البقرة 232
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن
فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً النساء 18
المادة 16.
• ( 1 ) للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
• ( 2 ) لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه.
• ( 3 ) الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون البقرة 188 المادة 17.
• ( 1 ) لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
• ( 2 ) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون البقرة 62
قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون الزمر 46
وفي القرآن الكريم تأسيس لمسؤولية الدولة في حماية المعابد الدينية من صوامع (كنائس) وبيع (معابد اليهود) وصلوات (طقوس الأديان المختلفة) ومساجد:
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا سورة الحج 40 المادة 18.
• لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.

وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الكهف 29
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين يونس 99
لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي البقرة 256 المادة 19.
• لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.

لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون الأنعام 48
المادة 20.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
• ( 2 ) لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.

وأمرهم شورى بينهم – سورة الشورى 38
فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر- سورة آل عمران 159
وفي الحديث النبوي:
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم
ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم الطبراني ج7 ص268
– من استعمل رجلا في قوم وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين – رواه الحاكم انظر جامع الأحاديث للسيوطي رقم 45694 المادة 21.
• ( 1 ) لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
• ( 2 ) لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد.
• ( 3 ) إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.

قال رسول الله صلى الله علي وسلم: الناس سواسية كأسنان المشط وإنما يتفاضلون بالعافية، والمرء كثير بأخيه، ولا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له جزء ما رواه الزبير ج1 ص29

وقال: يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى رواه أحمد ج38 ص474 المادة 22.
• لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لا غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته.

وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون التوبة 105
جاء في الحديث القدسي: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل أستأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره الجامع الصغير رقم 6013
وفي الحديث الشريف: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ، وأعلمه أجره وهو في عمله سنن البيهقي ج5 ص23 المادة 23.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.
• ( 2 ) لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.
• ( 3 ) لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
• ( 4 ) لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن كلفتموهم فأعينوهم. رواه البخاري في الصحيح ج1 ص15 المادة 24.
• لكل شخص الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.

جاء في الحديث الشريف: الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار زوائد الهيتمي ج1 ص 508
وتشمل هذه الثلاثة الثروات القومية الطبيعية للأمم من الماء ومصادرها ومواردها والكلأ وما يعنيه من الأرض المنتجة للزراعة، والنار وما يتصل بها من قوى الطاقة ومواردها الوطنية المختلفة

المادة 25.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
• ( 2 ) للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية.

طلب العلم فريضة رواه ابن ماجه ج1 ص 80
إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العليم رضا بما يصنع رواه أبو داود ج3 ص354

والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتك الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف البقرة 233
المادة 26.
• ( 1 ) لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
• ( 2 ) يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
• ( 3 ) للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.

من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة رواه الترمذي ج5 ص16
قال عمر بن الخطاب: تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن يعلمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم بلوغ الأرب ج1 ص155
وفي القرآن الكريم تحذير شديد من كتم العلم عن الناس: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون سورة البقرة 159 المادة 27.
• ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكاً حراً في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه.
• ( 2 ) لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة على إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.

في ثمانية مواضع في القرآن الكريم فرض الله على الأمة وجوب إكرام ابن السبيل وهو المسافر في غير وطنه وتيسير حاجته وتحريم الاعتداء عليه وأمر بإنفاق الزكاة عليه طالما كان في دار الغربة عن وطنه تأكيداً لحقه في العدل والمساواة – انظر مثلاً النساء 36
المادة 28.
• لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما.

لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا سورة البقرة 286
ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى – الأنعام 164
كل نفس بما كسبت رهينة – سورة المدثر 38

وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى – سورة النجم 40 المادة 29.
• ( 1 ) على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً.
• ( 2 ) يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
• ( 3 ) لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
مادة إجرائية المادة 30.
• ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.

هذا باختصار ما أعددته بالتعاون مع هانس كوريل في ليوبولد سكرون بسالزبورغ، وأعتقد أنه مقاربة في غاية الأهمية لبيان ما بين القرآن الكريم وإعلان حقوق الإنسان من تكامل ولقاء.
إن هذه المقاربة ليست حكماً نهائياً في التكامل بين الشريعة وإعلان حقوق الإنسان، بل إنها مدخل لطرح هذه القضية الكبيرة التي ينبغي أن نوضحها للأجيال الآتية، وهي أن كفاح الإنسان لا يتعارض مع هداية الأديان، وأن علينا أن نخلص أجيالنا الآتية من عقدة الصراع مع العالم من أجل الدفاع عن قيمنا الإسلامية.

وبعد هذه المقارنة فإن من المنطقي تماماً أن نقول إن شرائع الله تهدف إلى الغايات النبيلة نفسها التي أنجزها الإنسان في كفاحه الطويل من أجل العدالة والكرامة والمساواة.

Related posts

تبادل المحبة – فرنسا والرسول محمد

drmohammad

على أطلال المأساة السورية

drmohammad

الاسلام والدبلوماسية

drmohammad

Leave a Comment