مقالات

هل هناك مؤامرة على الإسلام؟

هل هناك مؤامرة على الإسلام؟

طرحت رؤيتي مراراً أن الإسلام في العالم في عافية وخير، وأن دول العالم دون استثناء تعترف بالإسلام وتحميه، ومآذن الإسلام باتت شامخة في كل عواصم الأرض، ولا سبب لافتراض مؤامرة كونية ضد الإسلام، فالعالم بات في عصر من الحضارة والقانون يمنع تآمر الدول على الأديان، فالأديان يحميها القانون الدولي، والإسلام بمساجده ومدارسه وجامعاته وقنواته الفضائية ينتشر في كل عواصم الدنيا، ولا سبب لتصور المؤامرة على الإسلام.

ولكن كان أصدقائي دوماً يغضبون من هذه الرؤية، ويصفوها بالسذاجة والدروشة، ويؤكدون أن المؤامرة على الإسلام مستمرة وأنها باتت مشروعاً عالمياً تقوده الماسونية العالمية، ويشارك فيه مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة وأوروبا وأمريكا، وأن هدفهم القضاء على الإسلام وسحق المسلمين.

لقد أمضيت أسابيع أفكر في هذا المعنى، فأنا أثق بوعيهم ودينهم وعقلهم، ولكنني أثق أيضاً بعقلي ورؤيتي ولكن لماذا لا نكاد نتفق في شيء؟

وبعد حوارات طويلة بت أدرك معهم أن هناك بالفعل مؤامرة على الإسلام، وأستطيع القول إنها ممارسة علنية ودستورية ومباشرة معززة بقرارات دستورية وبرلمانية، وتشترك فيها بالفعل الأمم المتحدة والدول الرائدة.

نعم هناك استهداف للإسلام.. ولكن أي إسلام؟

الإسلام الذي يرى أن علينا قتال الأمم حتى يقولوا لا إله إلا الله فيعصموا دماءهم وأموالهم هو بالفعل إسلام مستهدف تقف أمم الأرض كلها ضده.

الإسلام الذي لا يؤمن بالقانون الدولي يرى أن من حق أفراده حمل السلاح والجهاد في سبيل الله في أي مكان يختارونه من أرض الكفر لإقامة دولة الخلافة وهدم الأنظمة البرلمانية الكافرة هو إسلام مرفوض.

الإسلام الذي يرى أن من واجب أفراده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغيير المنكر باليد واللسان بدون صفة ضابطة قضائية هو إسلام غير مقبول وسيدخل المجتمع في الفوضى والعنف.

الإسلام الذي يرى أن عبادة الله تكون في لعن النصارى واليهود وتخصيص خطب الجمعة للهجوم عليهم وتحقير كتبهم وأديانهم.. هو إسلام مستهدف بالفعل…

الإسلام الذي يعلم الناس وجوب البغض في الله وأن 999 بالألف من البشر هم حطب جهنم ولا تجوز محبتهم ولا ودهم هو إسلام خطير بالفعل.

الإسلام الذي يرى أن المراة كلها عورة من رأسها إلى أخمص قدميها وأنها ملزمة بالنقاب في كل أحوالها لا يجوز أن ترى الرجال ولا يراها الرجال، وأنها قتنة يستشرفها الشيطان إن أقبلت وإن أدبرت، وهي زانية إذا تعطرت، هو إسلام خارج المنطق، وخارج الواقع يسيء أبلغ الإساءة للمرأة والرجل جميعاً وهو أبعد ما يكون عن هدي النبي نفسه الذي حرر المرأة واستمع إليها مغنية وشاعرة وخطيبة، ووصفت النساء من حوله بالزهراء والحميراء والسفعاء والحوراء والبيضاء والسمراء.

الإسلام الذي يمنح الولي الجاهل حق تزويج طفلة جبراً عنها، أو تزويج طفلة لعجوز، هو إسلام جاهلي لا يشبه في شيء إسلام العدالة والإحسان الذي جاء به النبي محمد.

………………………..

من الطبيعي أن تعلن أي دولة أنها ترفض هذا اللون من الإسلام على أراضيها على الأقل، وأن تناضل لوقف هذا الفهم الخطير للدين وما يعنيه من ازدراء وتهديد للأمم.

نعم أيها الأصدقاء.. إذا كنتم تقصدون أن العالم يتآمر ضد هذه الممارسات فأنتم على حق… ويجب أن نعترف بوضوح أنها ممارسات ألصقت بالإسلام وليست جزءاً من جوهر رسالته في التسامح والمحبة واليسر.

واجب المسلم الحق قبل سواه أن يرفض هذه الممارسات، ويناضل لتغييرها وأن نكون نحن من يقوم بهذه الحملات من الإصلاح والتغيير قبل ان يطلب منا ذلك الغرب أو الشرق.

أما الإسلام الإيجابي الذي يعمل من جوهر الرسالة رحمة للعالمين، ويناضل من أجل الحرية والتحرر، ولا يقر الإكراه والكراهية في شيء، ويدعو للعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى فهو إسلام متصالح مع العالم، وشريك في صناعة الحضارة وحماية حقوق الإنسان، وهو محل احترام وترحيب في العالم المتحضر، وله في كل عواصم العالم اليوم مؤسسات ومساجد وهيئات ومدارس وصحف وجامعات وقنوات فضائية، وهو إسلام محبوب ومكرم، ولا يعاديه إلا حزب عنصري بغيض……

Related posts

أحلام سوري في مطار سنغافور

drmohammad

د.محمد حبش- إن في الجنة باب يقال له باب الفرح 13/1/2006

drmohammad

السودان يبدأ تطبيق الشريعة

drmohammad