تم الإعلان عن أكثر برامج الإغاثة التعليمية طموحاً في عمر الثورة السورية حيث يتحدث البرنامج عن إمكانية تعليم ربع مليون سوري لاجئ في #لبنان.
هذه المبادرة الطموحة لم تأت هذه المرة من #اليونسكو ولا الأليسكو ولا الاسيسكو وغيرها من المؤسسات التي تسابق إلى العمل الخيري والتعليمي، وترصد له البرامج والموازنات، هذه المرة جاء التبرع والإسهام عبر النجم الهوليودي الشهير#جورج_كلوني وزوجته اللبنانية الأصل أمل علم الدين… وبصندوق طموح ساهمت في إطلاقه #غوغل..
ويأتي هذا الخير متصلاً بجهود الرائعة #انجيلينا_جولي التي قامت بجهود كبيرة على مستوى مخيمات اللاجئين، ونجحت بشكل خاص في نقل معاناتهم وعذاباتهم في الضمير العالمي.
طبعاً لدي تحفظ على الارقام، وأخشى أننا نهول الأمر، ولكن مجرد ذكر اسم غوغل في مشروع كهذا يؤكد أن الأمر جدي وطموح وغير عادي.
لست أدري لماذا ينجح النجوم الغربيون في تحقيق نجاحات من هذا النوع في حين تخفق مؤسساتنا الكبرى في تحقيق نجاحات كهذه؟
لا يمكن القول أبداً إن العمل الإنساني أنضج لديهم مما هو الحال لدينا، وأننا نفتقر إلى البذل في سبيل الله، فإرادة الخير موجودة في الفطرة الإنسانية، قبل أن تأتي الأديان، ولا يزيدها الدين إلا حضوراً وتفاعلاً وإيجابية، ويسلك الإسلام والمسيحية سلوكاً واحداً في خدمة الفقير والإحسان إليه والدفاع عن المستضعفين في الأرض.
جورج كلوني ومن قبله أنجلينا جولي لا يملكون أموال قارون، بل إنهم لا يستطيعون أن ينافسوا قوارين العرب الذين يملكون ما لا يملكه نجوم هوليوود، ولكن الأرقام التي يتحدثان عنها لم يسبق أن أعلنها أي محفل عربي بما في ذلك المؤتمرات العربية والإسلامية على مستوى القمة.
إنها مسألة إدارة وتشبيك في المقام الأول، وإن نجاح الإدارة الرشيدة هو الذي يدفع هذه المشاريع إلى تحقيق الطموح المأمول.
وطالما قلت لأصدقائنا العاملين في الحقل الإغاثي والخيري والإنساني إننا نحتاج إلى التشبيك، العالم مليء بالنوايا الطيبة، والعالم الغربي على وجه الخصوص حقق اكتفاءه الذاتي، وألزم نفسه بالالتفات إلى الأمم المنكوبة، ولا توجد وزارة ولا هيئة كبرى ولا مؤسسة فعالة إلا وهي تضم في موازنتها جزءاً من الخير الإنساني المخصص للمناطق المنكوبة في العالم والتي يتصدرها منذ عقود بلا منازع العالم العربي والإسلامي.
وتنص الموازنات هذه عادة على اسم البلد المنكوب الذي ينبغي أن تصرف فيه الموازنة، وفي الأعوام الخمسة الأخيرة فإن#سوريا هي ضيف تقليدي على هذه القوائم، وهناك مال مخصص للنكبة السورية في الموازنات الاسترالية والامريكية والاوربية والآسيوية، سواء كانت حكومات أم شركات خاصة أم مؤسسات غير ربحية، فالإنسان أخو الإنسان، وهذا الأصل التضامني صار نصاً في تأسيس كل مؤسسة في العالم المتحضر سواء كانت للحكومات أو للجماعات أو للأفراد.
إننا نمتلك في البلاد العربية والإسلامية برامح وخططاً مشابهة، ولكن عمق الأزمات وتعددها وانتشار الفقر والبطالة والجوع والحرب يبتلع هذه الموازنات بشكل تام، فيما تبقى الموازنات المرصودة من البلاد المتحضرة أقدر على دعم المنكوبين بسبب تحقق الاكتفاء الذاتي عبر القانون، والنص القانوني الملزم لإنفاق هذه البرامج في البلاد المنكوبة.
نحتاج فقط لفهم اللغة التي يتواصل بها هؤلاء، فالمسألة هنا ليست مسألة صدقات وإعانات وهبات، تقوم على الخواطر والانفعال، وإنما هي مسألة برامج وخطط، وهذا يتطلب وعياً كافياً بإعداد الخطط والبرامج الواقعية التي تلامس تماماً الأهداف التي خصصت لأجلها تلك الموازنات الكبيرة.
وهذه الحلقة المفقودة بين البرنامج الاغاثي المحلي والبرنامج الدولي هي جوهر المشكلة، ولأجل ذلك فقد قامت منظمات كثيرة بعقد دورات تدريبية للعاملين في الحقل الإغاثي لتأهيلهم للوصول إلى التعاون مع الهيئات الدولية وفق الشرط الإنساني والاجتماعي والإجرائي المطلوب.
ونحتاج أن نكف عن أوهام المؤامرة والتسييس التي تعودناها في المبادرات الاجتماعية، فالعالم الديمقراطي دقيق جداً في تمييز هذه البرامج عن أي هدف سياسي، ويعتبر تشميل هذه البرامج بالأهداف الحزبية عملاً مخالفاً للقانون يعرض فاعليه للمساءلة والمحاسبة.
ونحتاج أن نكف عن الفتاوى اللئيمة التي تجعلنا في مقام الرب نملك مفاتيح الجنة والنار، ونقسمها بين الناس بحسب أديانهم وأفكارهم، وأن ندرك أنه قد ولى عصر الإحسان التبشيري، الذي كان المستعمرون فيه يأتون الفقراء بنسخة جيدة من الإنجيل ونسخة رديئة من الدواء، وهو أيضاً ما تورطت به هيئات إغاثية إسلامية كثيرة، وقناعتي أن الإحسان التبشيري قد انتهى تماماً يوم أعلن القرآن الكريم موقفه النهائي: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، وما تنفقوا من خير فلأنفسكم، وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله ، وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم.
بقي أن نشير إلى النبيلة المثقفة أمل علم الدين بنت جبل الشوف في الجار الغالي #لبنان، وهي تقدم مشاركتها في هذه المبادرة الإنسانية الكريمة جواباً على الصايعين والضائعين في الخارجية اللبنانية الذين يطرحون مشكلة اللاجئين مؤامرة من المظلومين ضد محور المقاومة، ومكراً من الفقراء لابتزاز لبنان، ويعمدون من حيث يشعرون أو لا يشعرون إلى تأجيج نار الكراهية بين السوري واللبناني، ويطمسون تاريخ الجوار والتشارك والتضامن، ويطرحون الكارثة السورية كما لو كانت شأناً غواتيمالياً أو كمبودياً لا علاقة للبنان فيه، وأن مسؤوليات لبنان لا تحتمل هذا اللون من الإزعاج وعلى العالم استيراد الشعب السوري وعدم إزعاج اللبنانيين بمعاناته.
إن وجود أمل علم الدين في مبادرة كهذه هو الجواب اللبناني الأصيل الذي يرد على الموقف الطائش للخارجية اللبنانية، وحلفائها من العمائم الطائفية الصارخة التي ترسل للسوريين الدم والموت والقتل والنار بدعوى الدفاع والمقاومة والمراقد، وتحت عنوان الحرب الاستباقية، وهو نفس الخطاب الإسرائيلي الظالم الذي أشعلت فيه إسرائيل حروبها العشرة في سوريا ولبنان.
previous post