مقالات

د.محمد حبش-صلاة من أجل القمة…28/3/2008

نقل التلفزيون الشهر الماضي من داكار مشهد المساجد وهي تنعقد فيها حلقات خاصة يتزاحم فيها الناس لهدف واحد هو الدعاء والصلاة لقادة الدول الإسلامية وهم يجتمعون في القمة الإسلامية في السنغال.

كان المشهد تعبيرا عن الحس الشعبي في السنغال الذي يتضامن عاطفياً مع زعماء العالم الإسلامي وهم يلتقون في داكار رجاء أن يلهمهم الله الخير ويجمع شملهم على آمال شعوبهم.
أعتقد أن سوريا تشهد هذه الأيام نفس المشاعر فهناك بالفعل روح عامة تجتهد في الصلاة للزعماء العرب ليهديهم الله إلى الخير والرشاد، خاصة بعد أن صدرت الفتوى من فضيلة الشيخة كونداليزا رايس بتحريم حضور القمة في دمشق وصادق عليها مجمع الفقهاء من أصحاب السماحة والفضيلة والنيافة والعطوفة في مجلس الأمن القومي الأمريكي.
يريد السوريون للقمة أن تنجح وهو شعور يستوي فيه السوريون الذين سيمضون هذه الأيام الخمسة في قصر المؤتمرات، والسوريون الذين سيمضونها على شاطئ الفرات في البوكمال، أو السوريون المقيمون في أستراليا والأرجنتين.
هذا ما نريده للحكام العرب ولكن ما ذا نريد منهم.
في لقاء جمعني على الفضائية السورية مع السيدة كوليت خوري والفنان جمال سليمان رويت مشهداً من القمة العربية في المغرب حين أعد الملك الحسن الثاني سيارة شاحنة قادها بنفسه وركب فيها كل الزعماء العرب المشاركون في القمة، وطاف يها في أسواق المغرب وحاراته وتمكن الزعماء العرب من النظر مباشرة في وجوه الناس وتمكن الناس من رؤية حكامهم في سيارة واحدة وشاع التفاؤل بأن القوم ذاهبون إلى مكان واحد وأنهم عن قريب سيتخذون القرارات التي تحقق الحلم العربي القديم من الوحدة والحرية والكرامة.
تمنيت من قلبي أن أرى هذه الشاحنة في دمشق، وأن تصعد إلى قاسيون وتطل على الناس من قمة الجبل الشامخ، ربما يتمكن الزعماء العرب هناك من رؤية الشعب بطريقة أخرى، سيقول لهم الناس: آمنا وصدقنا، فلسطين والعراق قضايا سياسية كبرى نحنا ما بنفهم فيها، وهي متروكة للقاءاتكم الدولية وبطولاتكم الدبلوماسية المشهودة، ولكن لماذا لم يتمكن العرب بعد ستين عاماً من فتح الحدود بين البلاد العربية؟ ولماذا نحتاج إلى الفيزا كلما عبرنا بين بلدين عربيين، ومؤخراً تنزيل الأمتعة والتفتيش والشرشحة كلما انتقلنا من قطر صامد إلى قطر صامد، والتفكير ببناء جدر عازلة بين مضارب غربستان وشرقستان على تخوم أرض العرب؟
لماذا لم يتمكنوا من توحيد مناهج التعليم؟ أو أحكام السير أو قانون الجنايات أو قانون الأسرة، أو الاتفاق على الهلال والأعياد أو المناسك.
كانت الخطوط الحديدية العربية قبل مائة عام تصل اليمن باسطنبول وبغداد بالقاهرة، والسويداء ببيروت، ولكنها اليوم مقطعة الأوصال على الحدود لا تجرؤ أن تدخل إلى أي بلد عربي!
كان السفر إلى القدس أو القاهرة قبل مائة عام يتطلب فقط الذهاب إلى محطة الحجاز وآخر ما يخطر بالبال أن تحتاج إلى فيزا من الخديوي اسماعيل للوصول إلى مصر أو تأشيرة من الشريف حسين للوصول إلى الحرم.
هل يفعلها القادة العرب، ويخطون خطوة جديدة باتجاه الناس، لنفترض أننا أصبحنا فاهمين لتعقيدات الوضع الدولي في القضايا الكبرى ولكن من يقنعنا أن رفع التأشيرة بين البلاد العربية مستحيل رغم أن سوريا رفعتها عملياً قبل نحو خمسين عاماً، ومن يقنعنا أن العمالة الفليبينية أنفع للعرب من العمالة العربية، وأن الخبرة الهندية السنسكريتية أكثر تلبية لمطالب العرب من الخبرة السورية أو المصرية، ومن يقنعنا أن الخبير الأمريكي أو الأوروبي يستحق ضعفي ما يتقاضاه الخريج العربي من الجامعة ذاتها بشرط أن يكون من مواليد أمريكا وليس له سحنة عربية أو أصل عربي.
هل يفعلها القادة العرب؟ هل يقولون لشعوبهم اتركوا ما لقيصر لقيصر وتعالوا نتقاسم معاً مصالحنا ومنافعنا على أرض العرب؟
هل يفعلها القادة العرب ويعرضون على شعوبهم الهوية العربية الموحدة التي تخول للعربي أن يتجول من المحيط إلى الخليج لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه؟
دعونا نصلي وننتظر!!

Related posts

د.محمد حبش- رمضان…. ثم لتسألن يومئذ عن النعيم 5/9/2008

drmohammad

الإسلام بالأرقام

drmohammad

د.محمد حبش- أنتم أعلم بأمور دنياكم 13/3/2009

drmohammad

Leave a Comment