مقالات

المرأة وقضايا النساء 18/7/2007

هل تنتصر المرأة لقضايا النساء ؟

الجواب بالطبع نعم، فهي أكثر شعوراً بمعاناة المرأة من الرجل، ولكن التجربة البرلمانية في سوريا قدمت أدلة أخرى لا بد من الانتباه إليها.
الندوة التي عقدها الاتحاد النسائي قبل أيام بالتعاون مع مجلس الشعب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أثارت جانباً آخر من هموم المرأة التي تكافح من أجل حقوقها في مجتمع يكافح من أجل بنائه.
البرلمانية المخضرمة المهندسة هدى الحمصي التي تخوض الدور التشريعي الرابع على التوالي فاعلة نشيطة، أثارت الأمر بإشارة واضحة إلى معاناة المرأة في تفهم حقوقها، رافضة مبدأ تشكيل لوبي نسائي لحماية حقوق المرأة، وقالت إن النساء يبلغن فقط 12 في المائة من كامل أعضاء البرلمان وهذا يشكل دليلاً واضحاً على الحاجة للاشتراك مع الرجال إذا ما أرادت المرأة الوصول إلى حقوقها، ولكنها قالت بحسرة بعد ذلك، إن المرأة ليست بالضرورة نصيرة لقضايا النساء، واستشهدت بما جرى في مجلس الشعب السوري يوم تعديل قانون الحضانة.

كان يوم قانون الحضانة يوماً مشهوداً في تاريخ مجلس الشعب السوري حيث تقدمت الحكومة بمشروع قانون قاصر عن طموح النساء، حاولت فيه على استحياء رفع سن الحضانة سنتين اثنتين من التاسعة إلى الحادية عشرة، وهو تعديل فلكلوري لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يرفع المعاناة الحقيقية عن الأم الحاضنة التي تعيش حبيسة اللحظة التي سيتم فيها نزع طفلها منه وهو ابن تسع سنوات أحوج ما يكون لحضن أمه، ولكنني تحدثت بوضوح أن في الفقه الإسلامي ما هو أعدل من هذا، وتقدمت بمشروع قانون يرفع سن الحضانة أربع سنوات، وكان واضحاً هنا أن الجدل سيكون طويلاً ومؤثراً خاصة أن عدداً من رجال العشائر السوريين كانوا يرون في رفع سن الحضانة خروجاً على التقاليد الراسخة، وقد أثار الأمر اعتراضهم، ولكن المفاجأة كانت في الحقيقة في التحالف العفوي الذي ظهر بوضوح بين المرأة وبين رجال الشريعة، وهنا أذكر بشكل خاص بالدور الهام الذي بذله الشهيد الغالي عبد العزيز الشامي الذي ظل خلال خمسة عقود برلمانية أفضل من يمثل الصوت الإسلامي في مجلس الشعب، وفيه انتصر لقانون الحضانة الجديد وقدم أوضح دليل على مرونة الفقه الإسلامي واستجابته لروح العصر، ففي العصر الذي أصبح فيه الرجل يخرج لعمله من الصباح إلى المساء فإن المرأة هي الحاضن الطبيعي للأولاد، وقد كان صدرها لك سقاء وثديها لك رواء، ومن حقها الطبيعي أن تكون الحاضن الحقيقي لأولادها حتى يشبوا عن الطوق ويبلغوا سن الرشاد.

حين طرح رئيس المجلس المسألة للتصويت كان الجدل على أشده، وبدا أن المجلس منقسم بشكل حاد حول هذه المسألة، ومع أن التصويت تكرر مرتين ولكنه بدا غير حاسم الأمر الذي دفع برئيس المجلس إلى الطلب من الأعضاء لأول مرة أن يقوموا بالتصويت واقفين، وهو إجراء لم يسبق أن اتخذه المجلس ولكن المطلوب كان في التأكد حقيقة من رأي الأعضاء،
ورفع اللبس المحتمل، وبالفعل تم التصويت على ذلك ونال الاقتراح أغلبية طفيفة، ولكن المفاجأة كانت أن اثنتين من المعارضات لمشروع القانون كن من النساء!!
إن النضال من أجل حقوق المرأة هو عمل اجتماعي في المقام الأول، وإصلاح القانون فيما يتصل بشؤون النساء هو مكسب حقيقي للرجل والمرأة والمجتمع برمته، وهي أيضاً دعوة للبرلمانيين في بداية الدور التشريعي الجديد لنشرب من حليب السباع ونمتلك الجرأة في تعجيل القوانين بما يحقق مصلحة الأسرة ويلتزم ثوابت الشريعة وفق رؤية تجديدية في الفقه الإسلامي الكبير، ويجب أن لا يداخلنا الشك أبداً في أن الفقه الإسلامي سيكون دوماً نصير المرأة في رفع معاناتها، وذلك حين نفتح منجم الفقه الإسلامي بالكامل ، ونقف على الاجتهاد البصير الذي أنجزه الفقهاء الكبار، ونمتلك الجرأة الكافية للتخير من هذا الفقه الكريم، وقديماً قال الحكيم العربي: انتقاء الرجل قطعة من عقله.

Related posts

المعراج والإسراء … مشاهد في السماء وتعاليم على الأرض 25/7/2008

drmohammad

د.محمد حبش- الأساطير المؤسسة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط 21/4/2006

drmohammad

د.محمد حبش- جيران على كوكب واحد 13/6/2008

drmohammad

Leave a Comment